مقالات

فلسطين.. حقوق وواجبات عابرة للزمان والمكان

الحقوق المرتبطة بفلسطين كأرض وكيان جغرافي واجتماعي وسياسي كما الواجبات تجاهها، هي حقوق وواجبات عابرة للزمان والمكان، إذ لا يختص بها القاطنون ضمن الحدود السياسية الحالية لفلسطين المحتلة، كما لا تنحصر بالجيل الحالي وإنما تمتد للأجيال القادمة، وذلك لعدة أسباب:

الأول: فلسطين أرض إسلامية تم فتحها في زمن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، وقد أكدت المصادر التاريخية أنه استشار الإمام علي بن أبي طالب ع في الخروج إلى  بيت المقدس فنصحه بالذهاب قائلًا: (فإذا قدمت عليهم كان الأمر والعافية، والصلح والفتح إن شاء الله).

وقد تم تسليم مفاتيحها للمسلمين ضمن توافق سمي بالعهدة العمرية، وبناء عليه أصبحت هذه الأرض وفق المباني الفقهية التقليدية أرضًا موقوفة لعموم المسلمين، “لمن هو اليوم، ولمن يدخل في الإسلام بعد اليوم، ولمن لم يُخلَق بعد”، وبذلك لا يمكن لجيل أن يتنازل عن هذه الأرض أو يتخلى عن واجبه تجاهها، خاصة وأنها القبلة الأولى للمسلمين.

الثاني: يحاول بعضهم أن يحصر المسؤوليات والحقوق تجاه القضية الفلسطينية بالشعب الفلسطيني الصامد ضمن الحدود السياسية الفعلية لفلسطين المحتلة، وهي الحدود التي كرستها اتفاقية سايكس بيكو، ورسمتها على حجم الكيان الإسرائيلي التي أرادت زرعه في قلب العالم العربي والإسلامي، والحال أنه لا مشروعية لهذه الاتفاقية ولا لما نتج عنها إلا بحكم الأمر الواقع، المفروض أصلًا من أعداء الامة، وهي حدود لا تُخرج فلسطين عن كونها جزءً من كيان أوسع، هو ما نسميه الأرض الإسلامية، ولهذا الكيان أبعاده التاريخية والحضارية والبشرية والمعرفية، وهي أبعاد ساهمت في تشكيل حاضر الأمة وشخصية أبنائها، وهو ما يفرض واجبات عليهم، جميعًا ويثبت لهم حقوقًا لا يمكن إلغاؤها تجاه هذه الأرض.

الثالث: في الإطار الإنساني العام تمثل فلسطين النموذج الأبرز لقضايا العدالة في العالم،  وهي بهذا الاعتبار عابرة للزمان والمكان أيضًا، لأن أعظم ما يجمع البشر ويرفعهم هي القيم الأخلاقية، والعدالة هي أساس تلك القيم ورأسها، وما دامت العدالة غير متحققة في فلسطين بعودة أهلها وتحرير أرضها،  فمن حق كل إنسان موجود أو سيوجد على وجه الأرض بل من واجبه أن يحمل راية هذه القضية، وأن يعمل لأجلها.

المؤمنون بعدالة فلسطين لن يثنيهم عن سعيهم لتحقيق العدالة، تزايد الانتهاكات الصهيونية للإنسان والمقدسات، ولن تشوش رؤيتهم وسائل الدعاية المرتبطة بالكيان الصهيوني، أو التي يمتلكها المتهافتون للتطبيع معه.

والعدالة إما أن تأتي كاملة أو لا تتحقق، والمطالبون بها لا تعنيهم أنصاف الحلول، ولا الصفقات المؤدية إلى تضيع الحقوق؛ أو إعطاء جزء من ما هو مسروق إلى السارق، وسيستمرون بالعمل لإنجازها كاملة غير مجزوءة إن شاء الله.

الشيخ يوسف عباس
المنسّق العام للحملة العالمية للعودة إلى فلسطين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى