“إسرائيل”.. وسقوط روايتها

يُصاب كل شريفٍ وحُرّ بالغثيان عندما يُراقب الموقف العربي الرسمي تجاه الأحداث المستمرة في غزة، وكأن غزة جسمٌ لا علاقة له بجسد الأمة العربية والإسلامية. وتزداد هذه الحالة من القرف والغثيان لدى هذا المراقب، عندما يرى ويُشاهد ويسمع هذا الكمّ الهائل من المواقف الشريفة والإنسانية، الصادرة عن جهات وكيانات كانت، إلى الأمس القريب، تحمل الرواية الصهيونية قناعةً، وتدافع عنها في كل الأروقة والبرلمانات والمؤتمرات والتجمّعات السياسية والاقتصادية والرياضية والفنية والأكاديمية، لتقول كلمتها الأخيرة: “أوقفوا هذه الإبادة الجماعية لأهل غزة”، ثم تصف الكيان بأنه “كيان تمرد على الإنسانية ويجب لجمه”.
أربعة آلاف ممثل ومخرج سينمائي ومسرحي غربي يوقّعون عريضة تُدين الاحتلال ومجازره بحقّ أهل غزة، ويُطالبون بعدم التعاون مع هذا الكيان المجرم والقاتل، ويُقرّرون عدم مشاركتهم في أي عملٍ فنيّ مع الكيان الصهيوني – عزل الكيان فنيًّا – حتى يغيّر سلوكه الوحشي والمجرم تجاه أهل غزة وفلسطين.
هوليوود، صانعة الرأي العام من خلال الأفلام التي تُنتجها، والتي تحمل في طياتها كلّ الأفكار التي يُراد إقناع العالم بها، يخرج منها موقفٌ لافت؛ حيث يظهر جميع المشاركين في حفلٍ للتكريم الفني بلباسٍ أحمر، في صورةٍ معبّرة عن الدم الذي يُراق في غزة، ويُطالبون بوقف الإبادة الجماعية وسياسة التجويع التي يُمارسها الكيان ضدّ أهل غزة!
رئيس أعرق الجامعات في بريطانيا يُصدر قرارًا بألّا يستقبل في عام 2026 أيّ طالبٍ قادمٍ من الكيان الصهيوني، ما دامت دولته ترتكب هذه الجرائم التي فاقت كلّ الجرائم في العالم – مقاطعة الكيان أكاديميًّا – حتى يتراجع عن هذه السياسة الهمجية.
رئيس البرازيل يتحدّث من على منبر الأمم المتحدة، واصفًا الكيان الصهيوني بأنه كيان يُمارس الإبادة الجماعية بكلّ صورها المحرّمة والمجرّمة دوليًا، ويُطالب بموقفٍ دوليٍّ صادقٍ وحاسم تجاه هذا الكيان المتمرّد على كل القوانين والأعراف الدولية. ويزداد موقفه إصرارًا، عندما يتجاهل طلبًا قُدّم من الكيان لتعيين سفيرٍ له في البرازيل.
الكيان الصهيوني يُصاب بحالة هستيريا بعد متابعته لمؤتمر حلّ الدولتين، عندما يرى أن (142) دولة أيدت القرار، و(12) دولة رفضته، و(10) دول امتنعت عن التصويت. وعند مطالعة أسماء الدول الممتنعة، نقرأ أسماء بلادٍ غير معروفة ولم يسمع بها أحد. ثم يخرج مندوب الكيان ليقول: “هناك مؤامرة على الكيان!”
المذيعة البريطانية الأشهر في الصحافة البريطانية، عندما استضافت رئيس الكيان الصهيوني في برنامجها التلفزيوني، قالت في تقديمها: “إنه رئيس كيانٍ قتل كذا وكذا، وخالف كيانه القرارات الدولية المتفق عليها كذا وكذا مرّة، ومنع الدواء والغذاء عن شعبٍ يموت جوعًا وعطشًا”، وقدّمت عرضًا مذهلًا عن جرائم كيانه، حتى تغيّر وجهه – علمًا بأنها تتحدّث من منبرٍ يقع في مكان وعد بلفور – ولم يستطع إخفاء تعبيرات وجهه.
والقائمة تطول، لو أردنا سرد كلّ وجوه سقوط الرواية الصهيونية لدى معظم الشعوب، والدبلوماسية الغربية.
لكن المُستغرَب الأكبر هو موقف أكثر الزعامات العربية والإسلامية؛ هذا الصمت المطبق – “صمت القبور” – بل مساعدة بعضهم للكيان في جرائمه، وكأن أكثرهم لم يقرأوا التاريخ، لاالبعيد ولا القريب.
فهل سندرك أن هذا الكيان أضعفُ بكثير ممّا يظنّ كثيرٌ منّا؟
وهل نُدرك أن هناك مؤامرةً على أفكارنا حيكت في الظلام، زُرع فينا خلالها وهمُ أن هذا كيانٌ لا يُقهر؟
منسق الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين