كل من يقول للمقـ|ومة: سلّمي سلاحك.. فإنّه يبحث لنا عن شتات

الأب منويل مسلم
مهاجرون غرباء يهود ومتهوّدون سلّحهم العالم ودرَّبَهم على حمل السلاح وأرسلهم إلينا. طردوا نصف شعبنا سنة 1947 ويحاولون اليوم إبادة النصف الثاني أو تهجيره من وطنه. طردوا شعبنا واستوطنوا. صرنا في نظرهم: إرهابيين، وأصبحوا في نظر بعض شعوبنا العربية ضحايا يحق لهم الدفاع عن أنفسهم.
لأنَّا قاومنا، جفانا وأهملنا أكثر أهلنا أبناءِ قوميتنا. ولما حاولت إسرائيل إبادتنا لم ينصرنا وولم يحمنا جيش عربي واحد. أصبحوا بالقوة أصحاب البلاد وشعبَها، ونحن أصبحنا غزاة وغرباء. القوة الغاشمة سحقت الحق المُبين. سادت علينا ساعة ظلمة أخلاقية عالمية. حقُّنا أصبح أسيراً لباطلهم.
مِن سُخْرِيات القَدَر أن العالم بَحَثَ لليهود (بعد أن ذبحتهم النازية) عن وطن في أماكن متعددة خارج فلسطين قبل وعد بلفور. هذا العالم اليوم يبحث كيف يُخْرِجُ شعب فلسطين من أرضه ويبحث له عن وطن في كثير من الأماكن التي كان يبحث فيها لليهود عن وطن. أدعوكم أن ترافقوني في هذه المسيرة القصيرة لنتعرف على بعض تلك البلاد المختلفة المقترحة اليومَ وطنا لنا وكانت مقترحة سابقا وطناً لليهود:
1- سيناء: كان هرتزل أول مَن فكر في اختيار سيناء وطناً لليهود. فهي جزء من إسرائيل التوراتية، أي الوطن التوراتي من النيل إلى الفرات. ومن هذه الزاوية تعتبر سيناء البوابة الجنوبية لدخول فلسطين. فشل هرتزل في إقناع الدولة العثمانية بالتفريط في سيناء. ندمت إسرائيل كثيراً حين انسحب جيشها من سيناء بعد احتلالها سنة 1967. إلى اليوم يعتبرون سيناء صندوقاً من ذهب وليس صندوقاً من رمال. إلى سيناء اليوم يدفعون شعبنا.
2- مدينة أرارات: في جزيرة “غراند” التي تقع في نهر نياجارا، اقترح مردخاي نوح عام 1820 إيجاد وطن يهودي تحت اسم «أرارات». وضع نصب تذكاري للمشروع ولكنه فشل.
3- أوغندا: قدّم وزير المستعمرات البريطاني جوزيف تشامبرلين للمنظمة الصهيونية عام 1903 عَرْضاً بتأسيس وطن قومي لليهود. في مؤتمر بازل، حظي هذا العرض بموافقة 295 صوتاً مقابل 177. أرسلوا وفداً لمشاهدة الأرض. وجدوا مناخها مناسباً لكن أرضها خطرة مليئة بالأسود وغيرها من المخلوقات. علاوة على أن شعب الماساي الذي يسكنها عارض مجيء الأوربيين إليهم. وفي عام 1905 رفض الكونغرس هذا العرض البريطاني.
4- البحرين والإحساء: في سبتمبر سنة 1917 قدم طبيب يهودي من أصول روسية مشروع إقامة دولة يهودية في البحرين والإحساء (شرق السعودية). سلّم المقترح لسفير بريطانيا في فرنسا. رفضت بريطانيا المقترح. في ذلك الوقت كانت تعيش في الإحساء والبحرين أقلّيّة من اليهود.
5- مدغشقر: فكّر النازيون أن يهجّروا اليهود اليها بعد أن يربحوا الحرب، واقترحوا نقل مليون يهودي في المرحلة الأولى. تمّ التخلّي عن الفكرة سنة 1942 بسبب نتائج الحرب على بريطانيا.
6- برقة (ليبيا): قامت المنظمة الإقليمية اليهودية برحلة إلى برقة في ليبيا لدراسة إقامة دولة يهودية هناك. اكتشفت البعثة أن تلك المنطقة ليس فيها مياه كافية فقرروا عدم صلاحيتها كوطن يهودي.
7- دولة يهودا: رغم أن إسرائيل اليوم قائمة على 78% من أرض فلسطين إلا أن المستوطنين الكهانيين ظلوا يحلمون بإقامة دولة في الضفة الغربية أيضاً، حيث كانت تمتدّ دولة يهودا والسامرة – بزعمهم – في زمن الملك داؤد وسليمان. وهذا الطموح يزداد كل يوم بالضغط على الضفة الغربية لبناء المستوطنات جديدة.
هذه بعض أماكن مقترحة لنا اليوم وطناً بدل فلسطين. لذلك كل من يقول للمقاومة: “سلمي سلاحك، لا نريد مقاومة” فإنهم يساندون من يبحث لنا عن شتات بعد شتات.