مؤتمر “نداء القدس”: المقدسيون يوجّهون رسالة إلى أحرار العالم
نظمت الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين في ذكرى يوم القدس العالمي في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك ووقوفًا مع الهبة المقدسية المباركة مؤتمرًا إلكترونيًا تحت عنوان “نداء القدس”، حمل صوت أهل القدس إلى العالم.
يأتي مؤتمر “نداء القدس”، الذي شاركت فيه كبار الشخصيات المقدسية كالشيخ عكرمة صبري خطيب المسجد الأقصى المبارك والأب منويل مسلم عضو الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات والمطران عطالله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس بالإضافة إلى الأسير المحرر الشيخ خضر عدنان وعضو هيئة العمل الوطني والأهلي في القدس راسم عبيدات وحسين أبو خضير والد الشهيد المظلوم الفتى محمد أبو خضير الذي اختطفه المستوطنون وأحرقوه، يأتي وسط ظروف صعبة وأجواء حامية تعصف بالقدس بحجرها وبشرها، من سنة حافلة بجرائم القتل والأسر والاقتحامات إلى عمليات الهدم الوحشية التي لم تتوقف بهدف تشريد وتهجير الفلسطينيين إلى النكبة الجديدة التي تعصف رياحها حالياً بحيّ الشيخ جرّاح الذي يتعرّض لعلمية تهويد تضرب كلّ معايير الإنسانية والقوانين والأعراف الدولية وقرارات الأمم المتحدة بعرض الحائط.
الشيخ صبري: الشعب الفلسطيني يحتاج إلى أفعال وأمور عملية تساعده في مواجهة الاحتلال
الشيخ الدكتور عكرمة صبري الذي افتتح المؤتمر أكّد في كلمته على أنّ الشعب الفلسطيني ولا سيما المقدسي يحتاج إلى أفعال وأمور عملية تساعده في التصدّي ومواجهة الاحتلال والصمود في أرضه وبيوته، وأنّ الأقوال ومواقف الشجب وشعارات الاستنكار لا تكفي ولم تعد تنفع شيئًا، داعيًا إلى أن يكون يوم القدس واسبوع القدس مناسبة للالتفات إلى ضرورة القيام بشيء ما تجاه فلسطين والأقصى من قبل الأمة العربية والإسلامية، “لأنّ الله يقول في كتابه: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) التوبة 105.
كما أشار إلى أن التهويد بحق القدس مستمر “لانشغال العالم العربي والإسلامي عنها”، مضيفًا أن “الاحتلال يحاربنا بالحرب الديموغرافية السكانية، لذلك استهدف حيّ الشيخ جرّاح في القدس، كما استهدف حيّ البستان وحي بطن الهوى في سلوان”.
عبيدات: يوم القدس تعبير عن عمق القضية الفلسطينية في نفوس الأمة
أما المرابط والمتخصص في الشأن المقدسي راسم عبيدات فقد أشار إلى أنّ يوم القدس تعبيرٌ عن عمق القضية الفلسطينية في نفوس الأمة، وأنّ يوم القدس ليس للإحياء كذكرى بل هو فعل يومي تحوّل إلى نمط حياة عند المقدسيين في الصمود ومواجهة الاحتلال ورسم مستقبل القدس وفلسطين بالجهود الشعبية والتضحيات الكبيرة.
منذ الصرخة المُدوية التي أطلقها الراحل الكبير الإمام الخميني قبل إثنان وأربعين عامًا من أجل القدس، جرت في النهر مياه كثيرة، فالعرب والمسلمون لم يعودوا موحدين حول قضية القدس، ولم تعد بوصلتهم ولا قضيتهم الأولى، حيث العديد من دول النظام الرسمي العربي لم تكتف بشرعنة علاقاتها التطبيعية مع دولة الاحتلال، كتعبير عن حالة الإنهيار التي عصفت بهذا النظام العربي، والذي حدثت تغيرات كبيرة في بنيته ودوره ووظيفته، ولينتقل من نظام يرفع شعارات “لا صلح ولا مفاوضات ولا اعتراف” مع دولة الإحتلال ، لاءات قمة الخرطوم، الى نظام يقول بـ “الصلح والتفاوض والإعتراف” بدولة الاحتلال، وليزيد عليها الهرولة التطبيعية وإقامة التحالفات الإستراتيجية الأمنية والعسكرية معها، الإمارات والبحرين والسودان والمغرب نموذجًا، داعيًا إلى التوحّد جميعًا في مواجهة طغيان الاحتلال.
المطران حنّا: نحن لسنا حياديين فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية
أكّد المطران عطا الله حنّا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، في كلمته خلال المشاركة بـ”نداء القدس” بأن يوم القدس العالمي الذي يتزامن هذا العام مع ذكرى النكبة الفلسطينية يجب أن يوجّه أنظار العالم نحو مدينة القدس التي تتعرض إلى حملة غير مسبوقة تهدف إلى طمس معالمها العربية وسرقة أوقافها وتراثها والنيل من الحضور الفلسطيني الأصيل فيها.
المطران حنّا أشاد بتصدّي شباب القدس لمخططات العدو التهويدية وأعماله الإجرامية، الذين عبّروا بصدورهم العارية عن خيار المواجهة المفتوح مع الاحتلال ودافعوا عن المقدّسات الإسلامية والمسيحية؛ كما ناشد المطران باسم القدس أحرار الأمة العربية والعالم أن يتحرّكوا لمنع الاحتلال من الاستيلاء على القدس وتهجير أهلها، لأنّ القدس حقّ والفلسطينيون أصحاب حقّ ولن يضيع حقّ وراءه مطالب ولن يتمكّن أحدٌ في هذا العالم من تصفيته.
وبيّن قائلًا: “نحن لسنا حياديين فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وفيما يتعلق بالقدس بشكل خاص، نحن ندافع عن هذه القضية، وندافع عن القدس، لأننا عندما ندافع عن هذه القضية العادلة وعندما ندافع عن القدس، إنما ندافع عن تاريخنا، عن إيماننا، عن جذورنا، عن أصالة حضورنا في هذه. البقعة المقدسة من العالم”.
الشيخ عدنان: أدعو للوحدة ونبذ التفرقة من أجل القدس وفلسطين
الأسير المحرر الشيخ خضر عدنان اعتبر أنّ الحاجة اليوم هي أكبر للالتزام بدعوة الإمام الخميني الراحل لإحياء يوم القدس العالمي، انتصارًا للشاب الفلسطيني الذي أطلق النار على حاجز الزعترة وانتصارًا للحاجة التي شُرّدت من منزلها في حيّ الشيخ جراح من آل الغاوي ورفضاً لعملية الاغتيال الذي تعرّضت لها الحاجة رحاب الحروب على حاجز عتصيون.
ووجّه الشيخ عدنان دعوة للاتحاد والتوحّد بين جميع الفصائل والأفرقاء والمذاهب لمواجهة العدو الذي يتقوّى على نشر الفتن والتفرقة بين المسلمين الأخوة.
والد الشهيد أبو خضير: يوم القدس مناسبة للوقوف بوجه الاحتلال
والد الشهيد أبو خضير الذي استشهد ولده في شهر رمضان المبارك في القدس، أكّد أنّ يوم القدس وهبّة القدس مناسبة للعالم ليقف ضدّ أطول وآخر احتلال مستمرّ في التاريخ الحديث ويناصر القضية الإنسانية التي لا غبار عليها وهي تحرّر فلسطين وعودتها إلى أبنائها الحقيقيين.
الأب مسلّم: قفوا بكلّ ما أمكنهم من قوّة أمام هجمة الاحتلال
أمّا الأب منويل مسلّم رئيس الهيئة الشعبية العالمية لعدالة وسلام القدس الذي اختتم المؤتمر أكّد أنّ الصراع مع المحتلّ هو صراع وجود وحضارة وتاريخ وليس صراعًا هدفه فقط الوصول إلى سلام مع الاحتلال.
فالصراع في باب العامود والشيخ جراح هدفه تثبيت الإنسان المقدسي في أرضه التي له حقّ العيش فيها ووراثتها من أجداده وتوريثها لأبناءه، وهو جزء من معركة عودة اللاجئين الفلسطينيين.
واعتبر الأب مسلّم أنّ يوم القدس العالمي مناسبة مهمة كيّ يتضامن العالم مع المقدسيين ويوجّه أنظاره إليهم وإلى قضيّتهم التي لا أفق لحلّها إلاّ بالقوة والمواجهة والمقاومة ضدّ هذا الاحتلال المجرم، داعيًا الفلسطينيين عمومًا والمقدسيين بشكل خاص للوقوف بقوّة أمام هجمة الاحتلال بكلّ ما أمكنهم.
كما تخلّل المؤتمر، الذي نقلته قناة فلسطين و يونيوز والعديد من القنوات التلفزيونية وجرى بثّه على المنصات الإلكترونية للحملة العالمية للعودة إلى فلسطين، كلمات لأهالي القدس عبّرت عن مشاعرهم في يوم القدس وجّهوا فيها نداءهم للعالم بالوقوف إلى جانب حقّهم المقدّس في أرضهم وحياتهم الكريمة.
تعليق واحد