مقالات

فلسطين تواجه الغاصب

وفق إحصائية مفصّلة نشرتها وكالة يونيوز للأنباء، فقد بلغت حصيلة المواجهات ما بين الشعب الفلسطيني، خلال الفترة القصيرة ما بين 1-17 تشرين الأول الحالي، ما مجموعه /956/ عملاً مقاوماً، وذلك في مدينة القدس الشريف ومناطق الضفة الغربية “جنين ونابلس وقلقيلية ورام والله والخليل”، وقد أدَّت هذه الأعمال المقاوِمة إلى ارتقاء 15 شهيداً، وجرح 354 فلسطينياً آخر، عدا عن الخسائر المادية في البيوت والسيارات والبنية التحتية للبلدات الفلسطينية.

أمّا على صعيد خسائر العدو الغاصب البشرية، فقد أشارت الإحصائية إلى سقوط عنصرين وإصابة 42 آخرين من قوات الاحتلال، دون الدخول في تفاصيل الخسائر الأخرى للعدو، وخاصة على صعيد زعزعة البنية الأمنية للكيان الصهيوني.

تتميّز هذه الأعمال المقاومة بالعديد من الخصائص التي تجعل العدو الصهيوني يتحسَّب شرّاً من استمرارها، ويحذَر من تطورها نحو انتفاضة شعبية شاملة، وهو أمرٌ ليس ببعيد أبداً.

من هذه الخصائص:

1- الإقدام والشجاعة الكاملة: لدى الشباب الفلسطيني في مواجهة قوات الاحتلال رغم عدم تكافؤ الوسائل والأعداد، حيث تمّت معظم الأعمال المقاومة على يد شباب بلغ عددهم ثلاثة على الأكثر في بعض الحالات، وغالباً ما قام بها شابّ منفرد لوحده، دون تخطيط مع أي فصيل أو منظمة أو أي جهة أخرى.

2- الحاضنة الشعبية الفلسطينية: التي دعمت الشباب، وساهمت في حمايتهم وإنقاذهم من عمليات الاغتيال الصهيونية في العديد من الحالات، وساندت أهالي الشهداء في مواجهة الإجراءات التعسفية الصهيونية، وقامت بصدّ عمليات اقتحام المخيمات والبلدات الفلسطينية من قبل الجيش والمستوطنين الصهاينة.

3- تنوع أساليب المقاومة: من التظاهرات وإلقاء الحجارة وصولاً إلى محاولة الهجوم على المعسكرات الصهيونية وتبادل إطلاق النار مع جنود العدو.

4- ارتفاع وتيرة العمل المقاوم: وهذا ما يظهره العدد الهائل لها /956/خلال 17 يوماً فقط، بمعدل /21/ عمل يومياً، رغم كل الإجراءات القمعية، وإطلاق النار بدون أي حساب من قبل الجنود الصهاينة !

5- المبادرة الذاتية: للمقاومين الشباب وللشعب الحاضن؛ فكل ما سبق يتمّ دون إشراف ولا توجيه من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية، التي يحاول بعضها مساندة الشباب الفلسطيني المقاوِم سياسياً وإعلامياً.

إنَّ هذا الفعل الفلسطيني المقاوم، بصفاته وخصائصه التي ذكرنا بعضها، يؤكد أن المواجهة ما بين الشعب الفلسطيني والاحتلال الصهيوني الغاصب هي مواجهة مستمرة حتى فناء هذا الشعب، أو تحرره واستعادة حقوقه، وليس هناك من احتمال ثالث أبداً !

وإنَّ الدول الداعمة للكيان الصهيوني، التي أوجدته غصباً في أرضنا، مدعوّة إلى إعادة حساباتها في استمرارها في جريمتها ضد الإنسانية وضد الشعب الفلسطيني، وقد تأكّد للجميع أنّ هذا الكيان الغاصب لا يمكن أن يستمر في البقاء لولا هذا الدعم الغربي المطلق، ولا يمكنه أن يخرج في سياساته عن الحدود التي تضعها بريطانيا وأمريكا والنظام العالمي الغربي؛ وما الاتفاق الذي رعَتْه الولايات المتحدة لترسيم الحدود البحرية مع لبنان إلا دليل على الدور الوظيفي لهذا الكيان في خدمة المصالح الاستعمارية، حيث التزم قادة العدو بالأوامر الغربية، التي اضطرت لهذا الاتفاق لتأمين إمدادات الطاقة، وأجبرتها المقاومة على مراعاة المصالح اللبنانية.

وعلى هذه الدول أن تدرس جدوى هذه الحرب التي تفتحها على الشعب الفلسطيني، والتي تؤكد المعطيات أنّ الفلسطينيين ليسوا مستعدين للاستسلام فيها.

فهل يتابع الغرب سياساته العدوانية حتى فناء آخر فلسطيني ؟! وهو ما لن يكون بإذن الله !

أم يدرك أن الحقَّ غالب، وأنَّ العدوان زائل، وأن الدخول في السلم والعدل هو الخير للإنسانية كلّها ؟!

فلسطين تواجه الغاصب، ولن يتنازل أهلها عن حقوقهم العادلة أبداً.

ألا ترون أنَّ شبابهم وصغارهم وشيبَهم يشترون الموت شهادةً ؟!!

ألا يمثّل عديّ التميمي وسواه من الأبطال أنموذجاً يستحق التأمل واستخلاص العِبَر، ويدعو العالم الظالم للتوبة عن جرائمه ؟

عدي التميمي هو فلسطين كلُّها؛ فلسطين التي لا تفرُّ، بل تعود إلى الميدان بقلب ثابت ويقين صادق، أنّ ثمرة استشهاد شابّ واحد هي مئات من الشباب يحملون البندقية من بعده؛ كما كتب الشهيد عديّ في وصيته الأخيرة !

محمد أديب ياسرجي
أمين سر الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى