أيهما أفضل أداء نافلة الحج والعمرة أم التبرع لأهل غزة؟
أصدر عضو الهيئة العليا ولجنة الفتوى في المجمع الفقهي العراقي المفتي الدكتور طه أحمد الزيدي فتوى جاء فيها.
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه وبعد:
فإنّ التطوع بالنوافل مما يحبّه الله تعالى، ومن أعظم ما يتقرب به العبد الى ربه بعد الفرائض، وإن أبواب النوافل متعددة، ومنافذ التطوع بالخيرات واسعة، والمفاضلة بين العبادات من أدق أبواب العلم؛ لأنها مفاضلة في درجات ما يحبه الله عز وجل، وما يحتاجها عباده.
والتزاحم في أداء النوافل تحكمه قاعدة: “إن فعل القربات المندوبة ينبغي فيه مراعاة ما يحبه المعبود لا ما يشتهيه العبد”، كما جاء في الحديث القدسي: (وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه) رواه البخاري.
وفي ظل الظروف العصيبة التي يمر بها أهلنا في غزة العزة جراء العدوان الصهيوني وما يرتكبه جيش الاحتلال من جرائم وحشية وإبادات جماعية، وتهجير قسري، وحصار إجرامي، بحق أهل غزة الصابرين، وقيام الحاجة الشديدة إلى إمدادهم بالغذاء والدواء والوقود وبقية مستلزمات الحياة الانسانية الكريمة، نرى أن الإنفاق على أهل غزة من أفضل القربات وأعظم الطاعات، وهو أولى من حج النافلة وعمرة التطوع، مع ما فيهما من الخير والفضل، وهذا ينسجم مع مقاصد الشريعة وأسرار التشريع والقواعد الكلية ومنها:
إنّ أفضل العبادات ما كانت في وقتها
فإذا كان الناس في حاجة إلى الصدقة فالصدقة أفضل، وإذا كان هناك قوم مضطرون للنفقة، فإن الإنفاق عليهم في هذه الحال أفضل من حج النافلة وعمرة التطوع، ومن المقرر عند وجود مجاعات وفقر شديد، فإنّ الصدقة أفضل من تكرار الحج والعمرة، وقد نصّ كثير من الفقهاء على هذا التفضيل: فقد سئل الإمام مالك رحمه الله عن الحج والصدقة أيهما أحب إليك؟ فقال: الحج، إلا أن تكون سنة مجاعة، وجاء تفصيله في كتاب “مواهب الجليل”: (إن الحج -أي الفريضة- أحب إليه من الصدقة إلا أن تكون سنة مجاعة؛ لأنه إذا كانت سنة مجاعة كانت المواساة عليه بالصدقة واجبة فإذا لم يواس الرجل في سنة مجاعة من ماله بالقدر الذي يجب عليه بالمواساة في الجملة فقد أثم، وقدر ذلك لا يعلمه حقيقة، فالتوقي من الإثم بالإكثار من الصدقة أولى من التطوع بالحج الذي لا يأثم بتركه)، وفي “كتاب الفروع لابن مفلح” قال: سئل الإمام أحمد رحمه الله: (أيحج نفلًا أم يصل قرابته؟ قال: إذا كانوا محتاجين يصلهم أحب إليّ)، وقال ابن تيمية رحمه الله في “الاختيارات”: (وأما إذا كان له أقارب محاويج، فالصدقة عليهم أفضل- أي من نافلة الحج-، وكذا إذا كان هناك قوم مضطرون إلى نفقته).
المصدر: هيئة علماء فلسطين