الجهاد عقيدة
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد بن عبد الله، ومن سار على نهجه واتبع النور الذي جاء به، وسلم تسليماً كثيراً.
كأننا معاشر المسلمين في هذه الآونة، عندما نقرأ القرآن الكريم نمر عليه مرور الباحثين عن أجر القراءة فحسب، متناسين الأمر الرباني لنا بالتدبر والوقوف على المعاني والدلالات، مكتفين بأن لنا على كل حرفِ نمر عليه عشر حسنات، أو ربما نكتفي بتلاوته وترتيله على الأموات، متجاهلين أنه كتاب نزل للأحياء، ليرسموا من خلاله معالم حياتهم وآخرتهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
لذلك نجد أنفسنا في أوقات الأزمات فاقدين للبوصلة القرآنية الضابطة للسلوك والأفكار، والموجهة للعمل المطلوب في الزمان والمكان، والمخرجة لنا من أزماتنا، والمصوبة لنا بوصلة الموقف المطلوب.
يقول تعالى موجهاً الأمة على مدار حركة الزمان والتاريخ، وفي كل الظروف المتشابهة زماناً ونوعاً ﴿قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم..﴾ التوبة: الآية 14-15.
يبين لنا البيان الرباني بأن ثمرة مقاتلة أعداء الله وأعداء الأمة الإسلامية كثيرة، ولكن الغفلة عنها جعلتها وكأنها ليست منظورة ولا مُدركة لدى البعض من هذه الأمة، من هذه الثمار، بأن يجعل الله المؤمنين ستاراً لقدرته، ومنها أن يصبح المؤمن أداة مشيئة الله، ومنها أن يجعل الله تعالى عذاب الكافرين على أيدي المؤمنين ويُخزي الله الكافرين المستكبرين بالقوة والسلطان، على أيدي هذه الفئة المؤمنة، وكفى بهذا الشرف من مكانة، ثم هناك ثمرة أخرى وهي شفاء صدور المؤمنين من كل ما أصابهم على يد هؤلاء الظالمين الطغاة، وذلك عند رؤية النصر الذي حققه الله على أيدهم.
هذا الأمر ليس خيالاً أو وهماً أو أُمنية لايمكن أن تتحقق، إنه وعد الله الذي لا يُخلف وعده.
من هنا يمكننا فهم دعاء أبا إبراهيم وهو يناجي ربه قائلاً:
اللهم اكسر بنا شوكتهم
اللهم نكس بنا رايتهم
اللهم حطّم بنا هيبتهم
اللهم أذل بنا قادتهم
اللهم أزل بنا دولتهم
اللهم أنفذ بنا قدرك فيهم، يارب العالمين.
إنها العقيدة الراسخة بأن هذا الكيان الظالم إلى زوال، والطلب من الله تعالى أن تكون هذه الفئة المؤمنة هي يد الله التي يتحقق نصر الله بها، إن هذه الفئة المؤمنة التي مضى عليها أكثر من 260 يوماً، وهي في الأنفاق، لم تغادر ولم تبرح مكانها، مرابطة تحرس الأمة بصدورها العارية، وأسلحتها المتواضعة، وهي التي لاتدافع عن غزة فقط، بل تدافع عن كل العواصم الإسلامية، وتدافع عن مكة والمدينة، وتدافع عن كل المقدسات الإسلامية والمسيحية، وتُحافظ على البلاد من أن تمتد إليها يد لبطش والظلم والعدوان، يصدُق فيها قوله تعالى ﴿ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يُذكر فيها اسم الله كثيراً ولينصرن الله من ينصره﴾ الحج: 40 .
هذا هو الخيار الوحيد لما نحن فيه، فهل نعيد ضبط البوصلة ؟
منسّق الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين
الشيخ الدكتور عبد الله كتمتو