مقالات

فلسطين بين يدي العام الهجري الجديد

الأستاذ الدكتور الشيخ علاء الدين زعتري

نودع عاماً هجرياً ونستقبل عاماً هجرياً جديداً، فنجد سؤالاً يطرح نفسه: ماذا قدمنا في عامٍ أدبر، وماذا أعددنا لعام أقبل؟

من مهام العاقل أن يحاسب نفسه دائماً، والمحاسبة هي مطالعة القلب وتفكره في أعماله؛ أعمال اللسان، وأعمال الجوارح.

وكما يحاسب كل شخص نفسه على ما قدم في عامه المنصرم وما يقدمه في عامه القادم، فإن من واجب الأمة الإسلامية كذلك أن تحاسب نفسها على ما قدمت في عامها أين حالها اليوم؟ وأين حالها منذ عام؟ وكيف يكون حالها بعد عام؟

إن أمتنا وهي تنظر إلى عامها المنصرم ترى أن الأيام تمر عليها يوماً بعد يوم وهي لاتصعد إلى العُلى، ولاترتفع في سلم المجد، بل تهوي وتهوي يوماً بعد آخر، وترى كيف شُتِّتَ قلوب أبنائها، وترى الأمم وهي تتداعى عليها شرقاً وغرباً كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها.

وعلى أمتنا أن تعمل جاهدة لإعادة المسجد الأقصى؛ لأنه يدخل ضمن مقدسات ديننا.

المسجد الأقصى مسجد الأنبياء: حيث صلى فيه المرسلون والأنبياء، صلى فيه الخليل، صلى فيه موسى وسليمان وداود عليهم السلام.

وهو مسرى الحبيب محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

باركه الله وبارك البقعة التي وجد فيها.

فالأرض مباركة دنسها الصهاينة.

وعلى أمتنا أن تعلم أن سبب ضياع المسجد الأقصى يوم أن تخلى عن الحق أهله، ولن يعود الأقصى مرة أخرى إلا إذا اعتصم المسلمون بحبل الله.

ومثل المسجد الأقصى: مدينة القدس بشرقيها وغربيها.

ومثل الأقصى والقدس: غزة هاشم المكلومة.

وكل الذي يجري هو على مرأى ومسمع من العالم العربي المتفرج، والعالم الإسلامي الهزيل، والعالم الغربي العميل؛ إلا ما يقوم به محور المقاومة في وحدة ساحاته.

والعالم الغربي يبارك كل ما تريده إسرائيل، واللوبي الصهيوني يضغط ضغطاً شديداً على كثير من الحكام ليباركوا خطوات إسرائيل فيما تفعل.

إن الصراع بيننا وبين الصهاينة ليس صراع أرض وحدود، إنما هو صراع عقيدة ووجود.

و على الأمة أن تتحرك، ولن تعاد إلا بجيل تربى على القرآن والسنة ليجاهد في سبيل الله تعالى.

وإن عمر رضي الله عنه قال وهو في طريقه لاستلام مفاتيح القدس: (لقد كنا أذل قومٍ فأعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزَ في غيره أذلنا الله).

فأين أمتنا اليوم حينما ابتغت العزةَ في بوتقةِ الشرق والغرب؛ فأذلها الله تعالى.

وصدق قول الله: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَآءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ﴾.

فلن تنفع المحافل الدولية؛ كهيئة الأمم المتحدة، وحلف شمال الأطلسي، ومجلس الأمن.

فالقدس فتحها عمر رضي الله عنه، وحررها صلاح الدين رحمه الله، وللأسف سلمها مسلمون من جديد.

وفي خضمِ المعاناة التي أحاطت بأمتنا نرى الأمل يشع بضوئه المُشْرِق ليبعث فينا روح التفاؤل؛ لعلنا نجد مخرجاً لما تعانيه الأمةُ.

والمخرجَ يتمثلُ في قوة الأمة بإيمانها والصدقِ مع الله تعالى، ومواجهة الأعداء بما أمرنا الله تعالى به.

فالقدسُ والأقصى وغزة هاشم وما حوَلها في خطرٍ، وها هي في كل يوم تستصرخُ ضميرَ ووجدانَ الأمةِ لينقِذوها.

القدسُ والأقصى وغزة هاشم أمانةٌ في أعناقِ أمتنا، فلسطين تنادي، وتستنجدُ؛ فهل من وقفةٍ لله رب العالمين، ولإنقاذِ المستضعفين.

ومع ذهولِ الموقفِ واعتصارِ الألم؛ فإننا لا نيأسَ وأملَنا في اللهِ تعالى كبير ثم في أمةِ الإسلام ولن يَنضُبَ معينُ أمتنا من الخيرين.

فالقدس والأقصى وغزة هاشم أهل للعناية والرعاية.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى