مقالات

لن نخرج .. فلسطين ليست للبيع

تاجر العقارات يُحوّل قضية غزة من قضية سياسية بامتياز إلى قضية عقارية، وكأن غزة أرضٌ لا مالك لها، ولا يوجد على ظهرها سكان لهم تاريخٌ أقدم من عمر الولايات المتحدة الأمريكية بأكملها.

هل يمكن اختزال الصراع بين المحتل الصهيوني لفلسطين وشعب فلسطين إلى صراعٍ اقتصادي؟ وهل تكمن الطريقة المثلى لحلّه في تغيير معالم غزة وتهجير أهلها إلى دول مجاورة، ثم تحويلها إلى مشروعٍ عقاري رابح يجلب لصاحبه مبالغ ضخمة، متجاهلين أصل الصراع الدائر وهو الاحتلال؟

قبل عام، قال صهر ترامب، “جاريد كوشنر”، خلال فعالية في جامعة هارفارد: “إن العقارات على الواجهة البحرية لغزة يمكن أن تكون ذات قيمة كبيرة إذا ما ركز الناس على توفير سبل العيش”. وأضاف: “من وجهة النظر الإسرائيلية، يمكن نقل السكان خارج المنطقة وتنظيفها”. كوشنر هذا ليس مجرد صهرٍ لترامب، بل هو رجل يعمل في مجال العقارات من جهة، وهو أيضًا مهندس “صفقة القرن” التي عُرفت بخطة السلام والازدهار خلال الفترة الرئاسية الأولى لدونالد ترامب.

إن المدقق في هذه الخطة يُدرك بوضوح أن وراءها أمراً مهولاً، ألا وهو تحويل الحلول السياسية إلى حلولٍ اقتصادية، مما يؤدي إلى إسقاط السيادة الفلسطينية على غزة! إذ لو كانت القضية مجرد البحث عن أرضٍ لإقامة مناطق سياحية، فهناك الكثير من السواحل الأكبر حجماً، والتي يمكن تحويلها إلى منتجعات ومجمعات سياحية رائعة، بل وجالبة للأموال بشكلٍ أكبر. إنها عملية تطهيرٍ عرقي بامتياز، ولكنها تأتي بقفاز استعماري ناعم.

ما يخشاه الفلسطيني فقط هو الخيانة من بعض الأنظمة التي تتظاهر برفض عملية التهجير، بينما هي في الواقع مجرد أدوات لتمرير المشاريع الاستعمارية والصهيونية، تعمل من تحت الطاولة لخدمة أسيادها مقابل أجرٍ بخس، ولم تعد تملك حتى قوة سيادتها على قرارها، فضلاً عن سيادتها على أرضها.

أما الفلسطيني عموماً، والغزاوي خصوصاً، الذي تحمّل هذه الحرب بكل إجرامها وقذارتها وعنفها، ثم عاد إلى منزله الذي لم يعد موجوداً على خارطة الأرض، أو عاد وحيداً بعد أن شُطبت أسماء كل عائلته، فإنه يعود سيراً على الأقدام ليعمّر بلده من جديد، ويستأنف مسيرة حياة الكرامة والجهاد فوق أرضه، وليستعيد باقي الأرض المغتصبة. هؤلاء جميعاً، وهم كُثر، لن يسمحوا بأن تصبح أرضهم وأرض أجدادهم وطناً للبيع، أو قطعة أرضٍ مُعدة لبناء منتجعات سياحية يتاجر بها أولاد العم سام، وينشرون فيها فسادهم، ويمسحون هوية غزة هاشم.

فلسطين، كل فلسطين، عربية وإسلامية، ولا مكان للغرباء عليها، لكنها تنتظر شرفاء الأمة ليقولوا قولتهم الفاصلة: “لن نخذلكِ يا فلسطين مرة أخرى، ولن نُسلم المسجد الأقصى لحفدة القردة والخنازير”.

منسّق الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى