وقف العدوان
بفرحة كبيرة تلقّى أبناء غزة الأنباء عن التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب العدوانية الصهيونية على قطاع غزة التي سوف تسجّل 470 يوماً بنهاية يوم السبت القادم، وبدء دخول الاتفاق حيّز التنفيذ، على ما تتناقله وسائل الإعلام.
ابتداء من يوم الأحد سوف يتكشّف المزيد والمزيد عن نتائج العدوان الإجرامي، وسوف تبدأ رحلة البحث عن الأهل والأحبّة والأصدقاء الذين اختفَوا، فإمَّا شهداء وإمَّا أسرى لا يعترف الكيان بوجودهم.
ومع أكثر من 300 ألف مبنى تمّ تدميرها جزئياً أو كلياً باستخدام كل أنواع الأسلحة فائقة التدمير، فإنّ عمليات رفع الأنقاض سوف تحتاج إلى سنوات، ناهيكم عن الوقت اللازم لإعادة الإعمار.
نقول هذا لكيلا ينسيَنا وَقْفُ العدوان أن المأساة لا تزال مستمرة، وأنَّ الهدف الأساسي الذي يسعى الشعب الفلسطيني لا يزال على رأس قائمة أحلام كل شابّ وطفل وشيخ وامرأة فلسطينية؛ ألا وهو تحرير كامل التراب الفلسطيني.
وكيلا ننسى أيضاً أنَّ الفترة القادمة تحتاج إلى تضافر الجهود على كل المستويات، وخاصة من أجل:
1- متابعة الحراك التضامني العالمي لمحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة، فإنَّ توقّف هذا العدوان لا يعني إسقاط التهم الجنائية بارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
2- تعريف العالم الجرائم الصهيونية التي ستكشف الأيام القادمة عن المزيد منها كما أشرنا.
3- دعم قضية الأسرى الفلسطينيين الذين لا يعترف الكيان الغاصب بحقوقهم الإنسانية، والذين لن تشملهم اتفاقية تبادل السجناء.
4- المؤازرة المعنوية للكفاح الفلسطيني الذي لم يتوقّف في الضفة الغربية والقدس وباقي المناطق.
5- دعم الجهود الإنسانية لمساندة مشاريع إعادة الإعمار، وخاصة في مجال البنى التحتية والإسكان والخدمات والمستشفيات وإصلاح القطاع الزراعي وتوفير فُرَص عمل للشباب الفلسطيني.
6- مساندة حركات مقاطعة الكيان الغاصب في كل دول العالم، وخاصة في أوربا وبين الشعوب العربية والإسلامية.
وحيث من المتوقع أن يقوم الكيان الغاصب بإعاقة كل هذه الأعمال على الأرض، وأن يتابع حصاره الوحشي لقطاع غزة، فإنّ الواجب يدعو المنظمات الحقوقية والإنسانية والمتضامنين الدوليين للتشبيك والتعاون فيما بينهم لمواجهة التحديات المتوقعة، وعدم الاستسلام إلى فكرة أنّ وقف العدوان يعني انتهاء آثاره.
وأمام حجم التضحيات الكبيرة التي قدّمها أبناء غزة خلال أكثر من خمسة عشر شهراً.
وأمام ما حققوه من إنجاز كبير بتحرير مئات الأسرى الفلسطينيين بإذن الله.
وأمام تمسكهم بحقوقهم ووفائهم لقضية الأمة الكبرى؛
فإنَّ على العرب والمسلمين وأحرار العالم أن يتذكروا دوماً واجب التقدير والعرفان بالجميل لهذا الشعب الذي حمل عن العالم كلّه مسؤولية مواجهة الوباء العنصري والدموي الذي يمثّله المشروع الصهيوني.
وليس علينا أن نقدم لهم كلَّ ما استطعنا من مساعدة فقط، بل علينا أن نحتفظ برسالة فلسطين حيّة في حياتنا، وأن ننقل لأبنائنا وطلابنا صورة صحيحة عنها، وأن نواجه محاولات الإلغاء والإقصاء، وأن نرفض كل محاولات التطبيع بأي شكل وصورة كان، وأن نردد أمام كل من يستمع إلينا: إنَّ الحقَّ الثابت لا يُلغى، مهما بلغ العدو في إجرامه.
﴿وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ. إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ، وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لَا يَرْجُونَ، وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾.
أمانة سر الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين