مقالات

لفلسطين حتى تتحرر؛ وإن جعنا واستشهدنا

رضخ الاحتلال للإرادة الصلبة والموقف الواثق الذي مثَّله الأسير ماهر الأخرس، فأثمرت 104 أيام من الصيام والإضراب عن الطعام إخضاعًا للاحتلال وإقرارًا منه بالإفراج عن ماهر الأخرس قبل نهاية الشهر الحالي، وكان ذلك انتصارًا لا ريبَ فيه، يقدمه الفلسطينيون عظةً وعبرةً لكل من ظنَّ أنَّه يمكن أن يحصل على سلام مع الاحتلال أو مكاسب منه بالتفاوض الذي ترعاه أمريكا وغيرها ومن الدول التي هي صهيونية بمقدارٍ لا يقلّ عن صهيونية قادة الاحتلال، وربما يزيدون !

إنَّ الكيان الصهيوني لن يمنح أحدًا صفقةً رابحةً أبدًا، أو فيها اعتراف بالحقّ، ما لم يؤخذ الاعتراف بالقوة منه، لأنَّ الباطل لا يمكن أنّ يقرّ بالحق باختياره، فذلك يعني زواله واضمحلاله، إلا إن أرغم على ذلك وانتزع منه انتزاعًا.

يؤكد هذه الحقيقة ماهر الأخرس، كما يؤكدها كمال أبو وعر، الذي ارتقى شهيدًا صامدًا ممنوعًا من الوصول إلى العلاج، وهو أدنى حقوقه الإنسانية، دون أن يأبه العدو لذلك، أو تهتمّ له مؤسسات حقوق الإنسان الكثيرة !

كما يؤكد هذه الحقيقة تلك الحملة الشعواء التي شنّها الإعلام الصهيوني في العالم ضد القرارات السبعة التي صدرت عن الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ أيام، على الرغم من أنَّ “إسرائيل” لن تلتزم بها أصلًا، ومع ذلك لاحقوا هذه القرارات إلى حدّ التفتيش عن الكلمات والتعابير التي وردت في ثنايا القرارات، كما حصل مع مصطلح “الحرم الشريف” الذي ورد لمرة واحدة ضمن سياق مقدمة أحد القرارات !

ولو استطاع الصهاينة أن يصدروا قرارًا يشرع اقتحامات المستوطنين للحرم الشريف، وأن يقوم مجلس الأمن بمنع الأذان في القدس والخليل، وأن يشرّع لهم تجريف المدينة القديمة ببيوتها ومدارسها وكنائسها ومساجدها؛ لو استطاعوا إصدار مثل هذه القرارات لفعلوا، وهم يعملون لذلك بلا شكّ، ويمهدون له بفرض واقعٍ يتناسب مع آمالهم، وسينجحون في إجبار العالم على الاعتراف بمزاعمهم، لولا وجود حائلٍ واحدٍ يمنعهم، ويعيق تنفيذ مشاريعهم العدوانية الشيطانية، وليس هذا الحائل إلا صمود أهل فلسطين، وتضحياتهم الكبرى في سبيل الدفاع عن حقوقهم، وتفانيهم في مواجهة الاعتداءات الصهيونية عليهم وعلى بلادهم وحقوقهم ومقدساتهم.

وسوف يجد القراء الكرام في هذا العدد من نشرتنا الأسبوعية تغطية لمستجدات هذه الاعتداءات، كما يطالع بعض أخبار الصمود والكفاح الفلسطيني، ونحن نأمل من وراء تقديم هذه التغطية الأسبوعية أن تكون حافزًا للإخوة الكرام لمزيد من المتابعة والاطلاع، وأنْ يذكّروا مَن حولهم بما يجري في فلسطين، ويبيّنوا حقيقة ما يجري على أرضها، ويحافظوا على يقين الناس بالحقّ وبانتصاره الأكيد على الباطل بإذن الله.

محمد أديب ياسرجي
أمين سر الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى