هناك معادلة أخرى
(فإنّ مع العُسر يسراً إن مع العُسر يسراً) الشرح 5-6، وقال ابن عباس عند هذه الآية: “لن يَغلِب عسرٌ يُسرين”.
قال أحد المجاهدين لعمر المختار حين كانوا يُقاتلون المحتل: “إن عدونا يستعمل الطائرات ولا قِبل لنا بالتصدي لها فماذا نصنع ؟ فنظر عمر المختار إليه وقال: “أين تتحرك هذه الطائرات ؟ تحت السماء أم فوقها ؟ فقال له السائل بل تحت السماء، فأجاب عمر المختار نحن معنا من فوق السماء، “بهذة الثقة بالله غيّر المعادلة.
وقال: “إننا نقاتل في سبيل ديننا وحريتنا حتى نطرد المُحتل الغازي أونموت نحن وليس لنا أن نختار غير ذلك”، وختم كلامه فقال: “لأن كَسَرَ المدفع سيفي فلن يَكْسر الباطل حقي”.
القضية هي قضية إيمان وحق وليس وراء ذلك شيء آخر، لأن الإيمان بالله والحق والكرامة والحرية، هو من يعطي للحياة طعم أخر.
في الوقت الذي ربما يُصيب البعض شيء من اليأس، أو انسداد في الأفُق عندما يرى كثرة المتساقطين والمُتنازلين والمطبعين والواقفين في طابور الذل ينتظرون دورهم، ليكتبوا ويُسطروا معاهدات ظنوا أنها تحميهم وتجلب لهم السعادة والاستقرار، أو تدفع عنهم تُهم يخشون من الاتصاف بها، أو تمكن لهم البقاء على عُروشهم المهددة، ويقومون بكل ذلك دونما أي خجل أو وجل أو احترام للدين ولدماء الشهداء وللتاريخ، ونرى في المشهد الآخر الثابتون على الحق والمحافظون على التاريخ والأرض والكرامة والحرية، وقد أصابهم الذُعر من حجم هذا المشهد حتى باتوا في حيرة من أمرهم، كيف يمكنهم أن يُقفوا هذا السقوط وهذا الذل، وكيف يمكنهم أن يبثوا بهذه الفئة المغرورة والمُنبهرة بكلام عدونا المعسول، قبل أن يفوت الآوان ولايكون للندم والتوبة والصحوة مكان.
في هذا الوقت، وأمام هذا المشهد نرى تلك الفئة التي اختارت طريق ذات الشوكة تمتلك معادلة خاصة في الزمن الصعب، رُغم القسوة وقلة ذات اليد، ورغم قلة الناصرين من البشر، ورغم خيانة البعض، وسقوط البعض، وضعف البعض، وبالرغم من رصدهم لهذا الأداء السياسي المُخزي لبعض الزعامات العربية، والتآمر الخبيث للزعامات المستكبرة والظالمة، نرى هذه الفئة المؤمنة تُسطر وتترجم معادلتها الخاصة على أرض الواقع ولتقول بلسان حالها “ليس كل واقع حق بالباطل واقع”، يستمدون القوة من ربهم أولًا، ومن الشرفاء من أمتهم والعالم الإنساني ثانيًا، معادلة الانتفاضة على الباطل وعدم الخضوع والرضى به، والكُفر بكل مقولاته، ليفرضوا على عدوهم معادلة صعبة لايستطيع تحملها، ولا الصبر عليها، ولا القضاء عليها، لأنها معادلة الرعب التي طالما كان يخشاها ويتآمر عليها، ولا يزال كذلك.
من هذا المنطلق، وبهذا المنطق يُحي كل إنسانٍ حر يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني المظلوم، ويعلن عن تقديم كل أشكال الدعم حتى النصر والتحرر من كل أنواع الاستكبار والتبعية والارتهان.
الشيخ الدكتور عبد الله كتمتو
منسّق الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين