سقوط قادة.. وعظمة شرفاء
كتبت منذُ فترة قريبة حول هذه الهرولة المتسارعة نحو التطبيع مع هذا الكيان الغاصب للأرض والحق والحرية، وقلت يومها بأننا سوف نرى في الأيام القادمة المزيد من هذه الخطوات الخيانية والجبانة، والتي إن دلّت على شيء فإنها تدل على سقوط مُروّع لأنظمة عربية بائسة، ولسياسات في العالم العربي طالما كانت تلعب بورقة فلسطين خدمةً للمشروع الصهيوأمريكي.
لم تكن هذه المقولة نابعة من تسريبٍ إعلامي أو أمني، وكذلك لم تكن قراءة في فنجان، أو رؤية لعرّاف يقرأ في الأبراج، ولكنها كانت قراءة في الأداء السياسي الاستراتيجي لهذه الأنظمة، ونظرة معمّقة في الأجندة التي تعمل لتحقيقها هذه المنظومة البائسة والضعيفة، وهي معرفة ليست سطحية بتفاهة غايات هذه الزعامات النكرة في الزمن الصعب، إنها رصدٌ لسقوط ورقة التوت التي كانوا يظنوا أنهم يسترون عوراتهم بها، ويتلاعبون بمصير أمّتهم وشعوبهم من خلالها، إنها الكفر البُواح بالعقيدة والتاريخ والحق والكرامة، وبدماء الشهداء الذين طالما ضحّوا بكل ما هو مادي من أجل كل ما هو روحي ومعنوي وإنساني.
ولكن ما يُعزينا ويثلج صدورنا ويُبلسم جراحنا، هو هذه الحالة من الرفض الشعبي والقوى السياسية والنقابات والشخصيات الشريفة والمرموقة لعملية التطبيع مع هذا الكيان الشيطاني، وحالة الإدانة لهذا المشروع، والتي جعلت من المطبعين أشخاصًا نكرات في المجتمعات العربية والإسلامية، وعرّت هذا المشروع وأهله، وما شهدناه من مسيرات الرفض والإدانة للتطبيع وأهله في الكثير من العواصم العربية والإسلامية هو خير شاهد عل حيوية هذه الأمة والتفافها حول قضاياها الهامة وعلى رأسها قضية فلسطين والأقصى، وما تشهده الساحة المغربية اليوم ليُبلور بدقة هذا الأمر، وخاصة عند معرفتنا بحالة التطبيع الرسمي الأقدم بين الدول العربية والكيان الصهيوني، والذي لم ير طريقه إلى الشعب وقواه الحية ولن يرى، لا في المغرب ولا في غيره من العواصم العربية والإسلامية.
ستفشل كل أنواع الحروب النفسية، والحروب الناعمة التي يشنها أعداء هذه الأمة، والتي تُريد أن تجعل من الخيانة والتنازل عن الحق قضية طبيعية ومُستساغة، طالما أن هناك شُرفاء يملكون قوة الحق ولا يرهبهم المظهر الفرعوني الذي يُطل برأسه وأدواته، ولن يُضعفهم المشهد الذي أريد لهم أن يشهدوه لتخور منهم القوة والإرادة، بل سوف يزيدهم هذا المشهد قوّة إلى قوتهم، ويقينًا مضافًا إلى يقينهم بوعد الله لهم بالنصر والتمكين، وسيرى كل مُطبع أنّه بات معزولًا عن عقيدته ووطنه وشعبه، بل حتى عن أفراد قبيلته وأسرته.
الشيخ الدكتور عبد الله كتمتو
منسّق الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين