خطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ عكرمة صبري يروي شهادته على إحراق الأقصى
52 عامًا وما زالت نيران الحقد التي أشعلها المتطرف الصهيوني “مايكل دينيس روهن” تشتعل في المسجد الأقصى المبارك، عبر الاعتداءات والانتهاكات المتصاعدة.
وفي تفاصيل الخميس الـ 21 من أغسطس/ آب لعام 1969، يروي رئيس الهيئة الإسلامية العليا في مدينة القدس الشيخ عكرمة صبري، شهادته على ذلك اليوم الأليم.
وكان الشيخ “صبري” حينها يقطن في حيّ الجوز، شرق مدينة القدس، ويقول: إنه “عند الساعة 6:30 صباح الخميس الموافق 21/8/1969، شاهد أعمدة الدخان من منزله وهي تتصاعد في السماء، وهرع برفقة الجيران نحو الحريق فإذا بالمسجد الأقصى يشتعل”.
ويصف كيف هبّ الفلسطينيون كأسراب الحمام رجالًا ونساءً من جميع أحياء القدس، نحو المسجد الأقصى يُكبرون ويبكون، وينقلون التراب والماء من بيوتهم ومن الآبار المجاورة لإطفاء الحريق.
وأعاقت سلطات الاحتلال في ذلك اليوم وصول سيارات الإطفاء الفلسطينية إلى المسجد الأقصى، لكنّها تمكنت فيما بعد من الوصول عند الساعة العاشرة صباحًا.
مزاعم الاحتلال
زعمت سلطات الاحتلال أن الحريق كان بفعل تماس كهربائي، لكنّ مهندسين عرب أثبتوا أنه تم بفعل فاعل، نافين وجود أي خلل حينها في كهرباء “الأقصى”.
ويُتابع قائلًا: “اقتحم متطرف أسترالي الجنسية يدعى دينيس مايكل روهن “الأقصى”، وأشعل النار في المصلى القبلي مستخدمًا موادَّ شديدة الاشتعال وغير متوفرة بالأسواق، وإنما تتوفر لدى الدول والجيوش فقط، وهو ما يؤكد مشاركة حكومة الاحتلال بالحريق”.
إثر ذلك عقدت الهيئة الإسلامية العليا اجتماعًا عاجلًا، ثم مؤتمرًا صحفيًا، حمّلت فيه حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن الحريق.
وأعلنت الهيئة عن تشكيل لجان هندسية وأخرى مالية لمتابعة الأضرار الناجمة عن الحريق وترميمها، وفقًا لحديث الشيخ عكرمة صبري.
حزنٌ خيّم على القدس
ويصف صبري الساعات الأولى التي أعقبت الحريق، حيث كان حُزن عميق يُخيم على أجواء القدس وكل المدن الفلسطينية، امتد حتى أصبح أشبه بحدادٍ عام.
وأضاف صبري “الحزن كان سيّد المشاعر. قلوبنا أُصيبت بجرحٍ غائر لا يزال ممتدًا فينا حتى يومنا هذا”.
ولفت صبري إلى أن صلاة الجمعة لم تقم في اليوم التالي للحريق؛ حرصًا على سلامة المصلين، ولاحقًا تم إقامة ساتر من الطوب لمنع الناس من الوصول إلى منطقة الحريق، وكانت الصلوات تقام خلفها خلال المدّة التي تمت فيها عملية التنظيف والترميم”.
وأكد صبري أن من أحرق المسجد الأقصى هم مجموعة من المجرمين وليس شخصًا واحدًا، ولكن حرّاس “الأقصى” ألقوا القبض على “روهن” فقط، ما أجبر إسرائيل على محاكمته، ولم يمض وقت طويل حتى ادعت أنه “معتوه” ثم أطلقت سراحه.
ورجح خطيب الأقصى أن هدف الاحتلال من الحريق إجبار المقدسيين على طلب الحماية الدولية لتدويل مدينة القدس، إلا أن المقدسيين كانوا يقظين، واعتمدوا على أنفسهم في إخماد الحريق ولم يطلبوا أي مساعدة.
خَمد الحريق ولكن..
اليوم، وبعد 52 عامًا على الجريمة البشعة، ما يزال المسجد الأقصى يتعرض لسلسلة من الجرائم الممنهجة.
ونبّه إلى أبرز جرائم الاحتلال في الأقصى؛ مثل “مخطط التقسيم الزماني والمكاني الذي تمهد له اقتحامات المستوطنين المتواصلة وصلاتهم في ساحات المسجد لا سيما قرب منطقة باب الرحمة”.
فضلًا عن ملاحقة المصلين وتزايد حالات إبعاد المرابطين والمرابطات عن المسجد مدَدًا طويلة، في محاولة يرى فيها “خطيب الأقصى” هدفا إسرائيليًا لكسر إرادة المقدسيين.
وفي معرض حديثه، تطرق الشيخ عكرمة صبري إلى الحفريات الإسرائيلية أسفل المسجد الأقصى، قائلًا: “تواصل الحفريات تسبب بتشققات في الجدار الجنوبي للمصلى القبلي، إضافة إلى انهيارات وتضرر بالمباني التاريخية والأثرية في الجهة الغربية منه”.
مواجهة مخططات الاحتلال
ونبّه صبري إلى أن مواجهة سياسات الاحتلال يجب أن تسير بخطين متوازيين؛ أولهما شد الرحال للمسجد الأقصى والرباط فيه بكثافة وباستمرار لإعماره والمحافظة عليه.
وأما الخط الآخر فهو الحراك السياسي على مستوى الدول العربية وعلى رأسهم المملكة الأردنية الهاشمية؛ للضغط على الاحتلال لوقف انتهاكاته المستمرة بحق “الأقصى” والمقدسات في مدينة القدس.
وتبلغ مساحة المسجد الأقصى 144 دونمًا تشمل المسجد القِبلي الأمامي، ومسجد قبة الصخرة المشرفة، والمصلى المرواني، ومصلى باب الرحمة، وكذلك المساطب والدواوين والأروقة والممرات والآبار والبوابات الخارجية وكل ما يحيط بالأقصى من الأسوار والجدران الخارجية بما في ذلك حائط البراق.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام