مقالات

إرهاصات زوال “إسرائيل”

زوال “إسرائيل” ليس أمنية شخصية تراود مخيلة كل عربي وفلسطيني، ولا حلماً وردياً يساور الشعراء والأدباء، بل أصبح حقيقة ماثلة للعيان.

فالصراعات التي ظهرت في المجتمع اليهودي نتيجة سياسات نتنياهو الهوجاء ستؤدي حتماً إلى تفكك المجتمع الإسرائيلي ومن ثم انهيار ما يسمى “بالدولة الإسرائيلية المزعومة”.

ومن جانب آخر فالخارطة السياسية للنظام الدولي الجديد حوّلت “إسرائيل” من الطفل المدلل للمعسكر الأميركي إلى فقاعة تائهة في بحر الأحداث في منطقة الشرق الأوسط.

فـ”إسرائيل” كانت تراهن على زوال حكومة الأسد في سورية واستبدالها بحكومة موالية للغرب حليفة لـ”إسرائيل” تقودها العصابات الإجرامية من “داعش” والنصرة.

وكانت تراهن أيضاً على التطبيع العربي “الإسرائيلي” وهذا ما لم يحدث إلا بصورة جزئية وضيقة لم تكن في التوقعات “الإسرائيلية”، التي كانت تنتظر اليوم الذي ستدخل فيه جميع الدول العربية ضمن سياسة التطبيع، حتى تستفرد بالشعب الفلسطيني بالتقتيل والإرهاب حتى يرضى بما يسمى “حل الدولتين” وقيام الدولة الفلسطينية الهزيلة بدون القدس الشريف.

ومن جانب آخر كان لتصاعد المقاومة الفلسطينية في الأرض المحتلة دليل آخر يُقدم لنا بأن الشعب الفلسطيني مازال حياً بالرغم من ممارسات “إسرائيل” لسياسة القمع والإرهاب.

وعلى الصعيد الدولي لم تعد “إسرائيل” بتلك القوة الضاربة المهيمنة والمتكئة على الدعم الأوربي والأميركي، فللقارة الأوربية مشاكلها الجمة نتيجة الحرب الأوكرانية الروسية والتي جعلت من “إسرائيل” في آخر سلم اهتماماتها، بعد أن صعدت أوكرانيا على سلم أولويات السياسة الأوروبية.

أما أميركا المبتلاة بالمشاكل الاقتصادية وانهيار أربعة بنوك أميركية إضافةً إلى ما أخذته القضية الأوكرانية من اهتمام أميركي على صعيد المساعدة والتسليح، وما أعقب ذلك من آثار في صراعها مع المحور الصيني والروسي، دفع بالدور الأميركي إلى تراجع مستمر حتى أنها لم تعد تلك القوة العظمى التي يشار لها بالبنان، ولم تعد “إسرائيل” إلا رقماً صغيراً ضمن اهتماماتها ومشاكلها المستعصية.

ومع بروز محور روسيا – الصين إيران – كمحور في مواجهة التعنت الأميركي أصبح عالمنا اليوم يدور بقطبين وليس بقطب واحد كما في السابق، وأصبحت “إسرائيل” تائهة في مهب الصراع الدولي ولا تجد متكأً تتكئ عليه كالسابق.

كل هذهِ المتغيرات تشير بأن مصير “الدولة الإسرائيلية” في خطر وهذا ما دفع كلاً من “تامير باردو” رئيس الموساد الأسبق ورئيس الوزراء الأسبق “نفتالي بينيت” ورئيس الوزراء الأسبق “إيهود باراك “إلى قرع ناقوس الخطر والتحدث لأول مرة عن زوال “إسرائيل”.

فقد كتب “باراك” في صحيفة “يديعوت أحرونوت” الصهيونية: “على مرّ التاريخ اليهودي لم تعد لليهود دولة أكثر من 80 سنة إلا في فترتين كانت بداية تفككها”.

وقال “بينت”: “إن إسرائيل تعيش أصعب لحظات الانحطاط التي عرفتها على الإطلاق.. فوضى ودوامة انتخابات لا تنتهي وشلل حكومي”.

أما “تامير باردو” فقد شغلته مشكلة الهوية الموحدة لـ”الدولة الإسرائيلية” التي أصبحت مهددة بسبب الصراع الداخلي بين الفئات والأحزاب.

كل هذه التوقعات والتصريحات دفعت بالمؤرخ اليهودي الألماني “عوفر الوني” ليعلنها صراحة على صفحات جريدة هارتس “إسرائيل مضطربة ومشوشة مثل الرؤية في حلم مروع ودولة مضحكة مثل النكتة وفاقدة للمصداقية، وأثبت التاريخ أنها ولدت بالخطأ”.

هذه نماذج من التصريحات التي تؤكد لنا أنّ هناك مراجعة للساسة الإسرائيليين ليس فقط للسياسة “الإسرائيلية” بل حتى للمنطلقات الخاطئة التي قامت عليها ما يسمى “إسرائيل”، وهذا ما يؤكد لنا مدى ما بلغه المأزق الإسرائيلي في هذه الأيام.

الدكتور محسن القزويني – العراق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى