أمتي.. أين أنت مما يجري؟
الأستاذ الدكتور الشيخ علاء الدين زعتري
ما زالت وقفاتنا مع الأمة الإسلامية بعد ما يزيد عن السنة بعد معركة طوفان الأقصى؛ في محاولات جادة، تثير العقول، وتبعث النور في أفئدة المؤمنين، وتنشط ذاكرة المسلمين؛ أن أفيقوا من سباتكم العميق، فأهل (غزة) ما زالوا ينتظرون. مع صبرهم. وقوفكم بجوارهم، ومؤازرتكم لهم، ودعمكم بكل ما أوتيتم من قوة؛ فلا تبخلوا عليهم، ولا تَجْبُنوا، ﴿وَلَا تَهِنُواْ وَلَا تَحزَنُواْ وَأَنتُمُ ٱلأَعلَونَ إِن كُنتُم مُّؤمِنِينَ﴾ [آل عمران: 139].
فلو أن الأمة الإسلامية تمسكت بدينها وعملت بكتاب ربها واتبعت سنة نبيها صلى الله عليه وآله وسلم لكانت أرقى الأمم وأسعد الناس.
لكن الواقع يتحدث عن عكس هذه المفاهيم، فالأمة اليوم في أسفل الأمم، وتعيش تعاسة ما بعدها تعاسة؛ ترى إخوة لها تذبح وتُباد، وأناس ينامون في العراء يفترشون الحصباء ويلتحفون السماء، وهم على أرائكهم يتسامرون، ومنهم مع عدو إخوانهم يتوافقون في إكمال مشوار القتل والتهجير، والإبادة والتدمير.
أمة لا تنجح في سِلْم ولا تنتصر في حرب.
فهل هذا أنتم يا أمة الإسلام؟!!!
فبعدما كنتم مثال الشهامة والشجاعة والفتوة والإعراض عن زخارف الدنيا وسفاسفها، والاشتغال بالجديات وبذل النفس والمال في سبيل الله، والدفاع عن بَيْضَتِكم، وإعلاء شأنها، واستعذاب الموت دون ذلك.
حَلَّ بكم حب الدنيا، والانهماك في لذائذها السافلة، والانغماس في شهواتها القتالة، وكراهية الموت الجسماني، والرضا بالذلة والهوان، والإقامة على السخف الذي هو في الحقيقة الموت الأبدي.
هذا سبب ما حَلَّ بكم. وهذا جواب سؤالكم.
سبب ما أحل بكم الوهن: الشح بالنفس والمال عن الجهاد في سبيل الله والدفاعِ عن أوطانكم وحريمكم وذراريكم.
فهل أصبح المسلمون مأكلة؛ تمتد إليهم أيدي الأعداء من كل جهة، داخلياً عبر النفاق، وخارجياً عبر الكفر والطغيان، ولا يكون عيبهم من قلة العدد، بل يكون عددهم كثيرًا، ولكن لا تغنيهم كثرتهم شيئًا؛ لأن الكثرة بنفسها لا تفيد إن لم تقترن بجودة النوع، والكمية لا تغني عن الكيفية، وعلة العلل في ضعف المسلمين اليوم هو: الجُبْن والبخل.
وواجب المسلمين أن ينشطوا إلى الهداية كلّما نشط الضلال، وأن يسارعوا إلى نصرة الحق كلّما رأوا الباطل يصارعهم.
وواجب الأمة أن تكون مع المجاهدين والمقاومين؛ داعمة ومؤازرة، وألا يكون مع الخوالف والقَعَدة.
فالأمّة عبر تاريخها المجيد لم تَخْلُ من أئمّة وسادة وقادة وأبطال شجعان، ومجاهدين أشداء أقوياء، ومقاومين أشاوس لا يهابون الموت، وشعب صامد صابر محتسب؛ أدرك الحقيقة فتمسك بها، وعرف الحق فاتبعه.
فهؤلاء يضيئون للناس الدرب، ويدفعون بهم إلى التمسّك بهذا الدين والدعوة إليه وجهاد أعدائه، متّخذين من كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ما يعطي الناس التصوّر الصحيح الدين الحنيف، وللجهاد في سبيل إعلاء كلمة الله، واستعادة الحقوق المغتصبة، ونيل الحرية والانعتاق من الذل والتبعية.
إن العدو إنما يُعَظِّم القوة والنشاط والهمة العالية والتضحية العظيمة في سبيل مبدئه.
فإذا رأى العدو أن الخصم المقابل له ليس له هذه الهمة، وإنما هو لشهواته يعيش، ولحظه العاجل يسعى؛ أعطاه من ذلك حتى يوهن قوته أمامه، ويصرفه عن التفكير في قتاله؛ وما ذاك إلا لانشغاله بحب الدنيا والانكباب على الشهوات.
وها هو الوهن قد أصاب القلوب، واستحكم عليها؛ إلا من رحم ربك، وما أقلهم.
فالمسلمون. في الغالب. قد ضعفوا أمام عدوهم، ونزعت المهابة من قلوب أعدائهم منهم، وصار أعداؤهم لا يهتمون بهم ولا يبالون، ولا ينصفونهم ولا يعدلون؛ لأنهم عرفوا حالهم وعرفوا أنهم لا قوة لديهم، ولا غَيرة عندهم، ولا صبر لهم على القتال؛ فلذلك احتقرهم العدو، وعاملهم معاملة السيد للمسود.