مقالات

غزة تشعر بأنها سيدة كل العرب والمسلمين

بقلم الأب منويل مسلّم

الله هو الصادق الآمين الأمين. خلقنا على صورته ومثاله فأرادنا صادقين أمناء. تميّز الأنبياء والرسل والصديقون بهذه الصفات. اليوم، غزة تريد منا أن نكون كذلك صادقين أمناء.

مَنْ حَمَلَ معها السلاح وقاوم، غَلَتْ في قلبه دماء الأطفال ونواح الجرحى وصراخ يأس اليتامى وأنين المشردين وعصف الرياح بالخيام. هؤلاء اشتعلت قلوبهم فأصبحوا حارّين جداً مثل شباب غزة، وبعثوا النار في قلوب الشباب في لبنان والعراق واليمن فالتهبت قلوبهم.

بدورهم الإعلاميون والكتّاب والصُحُفيّون وقفوا هم وأقلامهم جِداراً واقيا. هَبَّتْ حَمِيّة المجاهدين في عقولهم وقلوبهم وألسنتهم فانتزعوا أولا بمساعدة جنوب إفريقيا قرارا من محكمة العدل الدولية، بأن قادة “إسرائيل” وجيشها يقترفون جرائم حرب وإبادة في غزة، وانتزعوا اليوم قراراً من محكمة الجنايات الدولية بأن رئيس وزراء “إسرائيل” ووزير جيشه مجرمو حرب يقترفون إبادة أطفال ومدنيين بالصواريخ والجوع.

صوتهم المقاوم يعلو اليوم على ضجيج السلاح وطائرات “إسرائيل”. صوتهم سوف يجعل “إسرائيل” منبوذة بكماء مرذولة في زاوية لا يقترب من نَتْنِها أحد.

هؤلاء جميعاً في حلق غزة كانوا أشهى من العسل.

وفي الفسطاط الآخر، جماعة نأتْ بنفسها عن هذا الصراع ورأت أنها عاجزةٌ عن إسناد غزة فابتعدوا عن هذا الصراع، لكنهم قاطعوا الصهاينة سلمياً ولم يدعموهم لا إعلامياً ولا بالسلاح ولا بالتنسيق ولا بالغذاء ولا بالسياحة ولا باللقاءات ولا بالرياضة ولا بالمؤتمرات.

هؤلاء بدل أن ينزلوا ليروا ويساهموا في ما يجري على غزة فضّلوا صعود الجبال الشاهقة حتى لا يروا ولا يسمعوا !

هذا البعد عن الإنسان، سواءً الظالم أو المظلوم جعلهم يدخلون أجواء الهملايا !

من حقهم أن يبتعدوا ومن حقهم أن يقرروا لأنفسهم ما يريدون.

غزة تحترم موقفهم ولا تعتب عليهم بل تذكرهم بالخير. في حلق غزة كانوا مثل لقمة خبز استساغتها في جوعها.

لكن غزة رأت جماعة لم يحملوا السلاح ولا القلم معها، ولم يصعدوا جبال الهملايا ويعتكفوا، بل وقفوا على قارعة الطريق، حيناً لا يبالون بأحد، وحينا يتحدثون بينهم قائلين: “فلسطين ليست قضيتنا. المقاومة التي صنعت الـ7 من أكتوبر إرهابية. وآخرون قالوا: يجب أن تسلم المقاومة سلاحها وتستسلم وتخرج من غزة”.

وآخرون نسّقوا مع العدوّ الصهيوني، وغيرهم حين رأوا حاجته أمَدّوه بالغذاء والدواء، وغيرهم حاربوا غزة مع جيش العدو، وغيرهم طبّعوا مع الاحتلال، وغيرهم منعوا المساعدات عن غزة وفقرائها ومرضاها وسجنائها، وغيرهم جيّشوا أقلامهم للدفاع عن جرائم الصهاينة في غزة، وغيرهم احتضن سفراء الكيان في بلادهم، وغيرهم من السفراء الفلسطينيين والعرب كان عليهم أن يفضحوا جرائم إسرائيل في أماكن وجودهم لكنهم صمتوا.

مثل هؤلاء في نظر غزة كانوا فاترين ما استساغت طعمهم فتقيّأتهم غزة وتقيّأهم أحرار العالم كلّه.

بعد أن انتصرت محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية لغزة، وبعد صمود مقاومة غزة وصمود المقاومة في لبنان والعراق واليمن ودعمها البطولي أصبحت غزة تشعر بأنها سيدة كل العرب والمسلمين. السواعد المقاومة وحدها تمثّلنا.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى