مَن يسحب السلاح مِن يد هذا القاتل؟
في سيدني، اندفع أحمد الأحمد نحو الخطر وانتزع البندقية من يد مهاجمٍ كان يطلق النار على الأبرياء. جُرح وكان يمكن أن يُقتل، لكنه فعل ما تفرضه الفطرة: أن توقف القتل حين تقدر، ولو دفعت الثمن، رغم أنه لم يكن يعرف من القاتل ومن المقتول.
لكن المفارقة القاسية أن العالم الذي صفّق لهذه البطولة، لا يطبّق معناها حين يكون القاتل أكبر وأوضح. فنتنياهو يتباهى بمنطق “نزع السلاح”، لا ليوقف الدم، بل ليُشرعن استمرار آلة القتل في غزة وفلسطين، ويجعل من الضحية المتَّهم الدائم، ومن الجلاد “حارسًا للأمن”.
والأعجب من كل ذلك أن حركة العالم غالبًا تتجه إلى نزع السلاح من يد المقاومة بما تمثّله من معنى الرفض والدفاع عن شعبٍ محاصر، بدل أن تتجه إلى سحب السلاح الحقيقي من يد القاتل: سلاح الإمداد، وسلاح الحماية السياسية، وسلاح التبرير الإعلامي، وسلاح الإفلات من العقاب. كأن المشكلة ليست في القنابل التي تهدم البيوت، بل في اليد التي ترفض أن تُذبح بصمت.
ولذلك، حين نقول: “يجب أن يكون هناك من يسحب السلاح من يد نتنياهو”، فنحن لا نقصد شعارًا إنشائيًا، بل إجراءات واضحة: وقف تزويده بالسلاح والذخائر وقطع الغيار، فرض حظرٍ جادّ على التسليح، محاسبة قانونية تُقيد الحركة والتمويل، وعقوبات تكسر الغطاء الذي يطيل عمر الجريمة. هذا هو نزع السلاح الحقيقي: أن تُعطَّل القدرة على القتل، لا أن يُطالَب المقتول بتسليم آخر أسباب الصمود.
ومنطق القيم لا يحتمل الانتقاء: إن كانت البطولة أن تُنزَع البندقية من يد قاتلٍ في شارعٍ بعيد، فالأَوْلى أن تُنزَع ترسانة القتل ممن يقتل شعبًا بأكمله أمام العالم.
المنسق العام للحملة العالمية للعودة إلى فلسطين
الشيخ يوسف عباس



