صراعٌ بين رؤيتين
تحرص الرواية الصهيونية المدعومة من كل الدوائر الإعلامية الصانعة للرأي العام على طمس الرواية العربية والإسلامية لحقيقة الصراع حول فلسطين والقدس والمقدسات، وكذلك على تزوير تاريخ المنطقة، لتجعل للكيان الصهيوني وجودًا طبيعيًا في هذه المنطقة الأكثر أهمية وذلك لما تتمتع به هذه المنطقة الجغرافية من تاريخ ورسالات سماوية، وخيرات وموقع جغرافي مهم في حركة التجارة العالمية التي لاغنى لأحد عنها، لذلك نرى هذا التبادل النوعي للمصالح والمنافع بين الغرب المُستَعْمروالكيان المُغْتَصب.
من هنا يمكننا قراءة حالة الهلع التي تصيب هذا الكيان حين ظهور أي حدث وبأي اتجاه من شأنه أن يخدش هذه الرواية، أويُبطلها، أو يُشكك بها، أويُفقدها قدسيتها المزعومة والمكذوبه على الله وعلى رُسله الكرام. وما عمليات التهويد للثقافة والتراث والجغرافيا والأماكن المقدسة في فلسطين عمومًا، والقدس على وجه الخصوص إلا أكبر شاهد على جرائم هذا الاحتلال ذات الأوجه الكثيرة المتنوعة، وهذا مانراه من خلال السعي المحموم لتهية الأجواء فكريًا وجغرافيًا لهدم المسجد الأقصى، وبناء الهيكل المزعوم مكانه لتكتمل نصوص الرواية الصهيونية للقدس بحسب زعمهم.
هذا ما رأيناه خلال الأيام الماضية، ومن خلال احتفال المسلمين بذكرى الإسراء والمعراج لهذا العام، ومن خلال مسير آلاف الفلسطينيين من كل نواحي فلسطين نحو القدس التي عرج منها الرسول الأعظم إلى السموات العُلى، والتفاف الآلاف حول قبة الصخرة المُشرَفة، وكذلك من حيث الأعداد الضخمة للمرابطين والمرابطات والعاكفين في المسجد الأقصى احتفاءً بتلك المناسبة، وبما تحمله من معانٍ عميقة في نفوس المسلمين جميعًا، وبما تُحمّلهم هذه الذكرى من مهام وواجبات نحو القدس والمقدسات وفلسطين عمومًا.
هذا ما جعل حالة استنفار كل الأجهزة الأمنية والعسكرية الصهيونية الموجودة في القدس وضواحيها، وهو مادفع إلى نزول واستعداد المستوطنين للتصدي لأي حدث طارئ، وهو ما دفع أكثر المدراس الصهيونية الدينية أن تضخ بطلابها للتصدي لرواية المسلمين للقدس ومقدساتها ولينشروا روايتهم بين صفوف أتباعهم الذين يخافون عليهم من انقلاب الصورة حول الرواية الصهيونية. إن خوفهم على افتضاح أمر روايتهم لهو الدليل الأكبر على كذبها، لأن صاحب الرؤية الحقيقية لا يخاف على روايته من النزول إلى ساحة المواجهة أوالحوار.
هذا السلاح الذي يجب أن نعمل عليه في دوائر الثقافة والتعليم، سلاح فضح رواية العدو وإبطالها، وبعدها سوف يموت تأثيرها، أو الخوف منها.
الشيخ الدكتور عبد الله كتمتو
منسق الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين