الملتقى الوطني لمواجهة التطبيع ينعقد في العاصمة الجزائرية
بالتعاون مع اتحاد الكتاب الجزائريين وبمشاركة العديد من الشخصيات والجمعيات الحقوقية الناشطة في العمل لأجل فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني، عقدت الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين الملتقى الوطني – الدولي لمواجهة التطبيع في العاصمة الجزائرية أمس السبت في السابع والعشرين من شباط فبراير 2021.
وجاء المؤتمر تحت عنوان “الجزائر ضد التطبيع” ليكون الفعالية الأولى ضمن سلسلة من الفعاليات الإعلامية والشعبية التي تهدف لإبراز الرأي العام العربي المعارض لخيانة التطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني، والتي تجري هذا العام تحت شعار “2021 عام مواجهة التطبيع” الذي دعت إليه عشرات الجمعيات والمنظمات الحقوقية من مختلف بلدان العالم.
قدّم الملتقى الذي استُهلّ بالنشيدين الوطنيين الجزائري والفلسطيني، عضو الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين في الجزائر والناشط الحقوقي الأستاذ أسامة أبو دراز، والذي رحّب بالشخصيات المشاركة لا سيما سفير دولة فلسطين في الجزائر أمين مقبول ورئيس اتحاد الكتاب الجزائريين د. يوسف شقرا ونائب رئيس الاتحاد نورالدين طايبي ورئيس اللجنة التشريعية لحقوق الإنسان في البرلمان العربي نورالدين السد والأسير الفلسطيني المحرر ماهر الأخرس والمناضلين توشار غاندي وماندلا مانديلا.
افتتح د. شقرا اللقاء بكلمة له أكّد فيها على وحدة الشعبين الجزائري والفلسطيني في تاريخهما القريب والبعيد وكذلك في حاضرهما الذي تمثّله القضية المحقّة للشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، حيث أكّد “وقوف الجزائر حكومة وشعباً مع القضية الفلسطينية امتثالاً لتوجهات القيادة والشعب الجزائريين”، وجدّد التزام الجزائريين دعم كل عمل يدعو إلى نصرة فلسطين وتحريرها كما دعا إلى تفعيل عمل دولي جامع حول القضية الفلسطينية.
ثم ألقى سفير فلسطين في الجزائر كلمة أثنى فيها على جهود المنظمين لهذه الفعالية وأكّد أنّ العلاقة بين الشعبين الجزائري والفلسطيني ليست حادثة بل عمرها مئات السنين فالجزائر شاركت في الدفاع عن القدس وتحريرها من الصليبيين مع القائد الإسلامي صلاح الدين الايوبي وقدمت الشهداء وكانت مشاركة الجزائر في حرب أكتوبر 1973 إحدى نقاط القوة والتحصين للجبهة العربية بوجه كيان الاحتلال والتي ساهمت في تحقيق النصر وتحرير سيناء. السفير مقبول ذكّر بأنّ توحّد الشعب الفلسطيني خلف قضيته المحقة هو الذي أفشل صفقة القرن التي حاول عبرها “الديكتاتور الفاشي ترامب تركيع الفلسطينيين” مؤكّداً أنّ ضغوطاً ضخمة مورست على القيادة والشعب الفلسطينيين كان آخرها عرض 50 مليار دولار مقابل الموافقة على شروط الصفقة أحبطها الصمود الشعبي والرسمي والتفاف الأصدقاء حولنا ومواقفهم الرافضة للتطبيع والتفريط بحقوق الشعب الفلسطيني، والتي كانت الجزائر أوّلهم. واعتبر السفير الفلسطيني أنّ موقف الرئيس تبون عبّر عن الموقف الشعبي للجزائريين في كون “القضية الفلسطينية قضية مقدسة وأنّ السلام في المنطقة مهم ولكن لا يأتي على حساب حقوق الفلسطينيين والقضية الفلسطينية”، مشيراً إلى أنّ هذا الموقف “بلسم جراح الفلسطينيين”.
وتحدّث مقبول عن آليات مواجهة التطبيع في المجالين الإعلامي والثقافي، فقال إنّ “هرولة بعض الانظمة العربية نحو التطبيع وتوظيف وسائل الإعلام التابعة لها في الدعوة للتطبيع مع الكيان المحتل هدفت لطمس الرواية العربية والقضاء على القضية الفلسطينية وتعويم الرواية الصهيونية وتزوير الحقائق والتاريخ، وهنا يأتي دور الكتاب والأدباء والمثقفين في التصدي لمحاولات تزوير التاريخ ومواجهة التطبيع الثقافي والفكري وإحياء الرواية الفلسطينية”.
وبعد ذلك تحدّث الدكتور نورالدين السد النائب السابق لرئيس البرلمان العربي ورئيس اللجنة التشريعية القضائية لحقوق الإنسان، فوجّه رسالة للشعب الفلسطيني قائلاً “نحن معكم قلباً وقالباً، حكومةً وشعباً، رجالاً ونساءً كباراً وصغاراً.. فالجزائر كلها ترفض الاستبداد والاحتلال” رافضاً أن تكون الدعوة إلى السلام هي التبرير للتطبيع “نحن دعاة حضارة وسلام ولكن ليس على حساب حقوق الشعوب، ومع الاسف الشديد فإنّ الاتفاقيات التطبيعية التي تحصل تسلب حق الشعب الفلسطيني في الحرية وتقرير المصير”. وأكّد الدكتور السدّ على مجموعة ثوابت يتشارك فيها الجزائريون بمختلف انتماءاتهم وأطيافهم “نحن مع الحق الفلسطينيّ في تقرير المصير ونحن مع عودة مهجّري ال 1948 ونازحي 1968، نحن مع إطلاق سراح الفلسطينيين الأسرى من النواب والقياديين والمواطنين الفلسطينيين، ونترحّم على أرواح المناضلين الشرفاء الذين قدّموا دماءهم لفلسطين من العرب والجزائريين والفلسطينيين، نترحم على أبو عمّار وعلى الشيخ ياسين وجميع المناضلين من أجل الحرية”. كما دعا إلى الالتفاف الدولي حول فلسطين “القضية الفلسطينية بحاجة إلى دعم وسند من كل أحرار العالم” معتبراً أنّ “الدفاع عن القضية الفلسطينية والحق الفلسطيني هو معيار المصداقية لأي جهة أو مؤسسة حقوقية وإنسانية دولية أم محلية”. وفي ختام رسالته طلب النائب السدّ من الشعب الفلسطيني أن يثقوا بأنّ التطبيع سيكون محطة عابرة في وعي الشعوب العربية وسيبقى الحقّ الواضح وأنّه على “الأخوة الفلسطينيين أن يؤمنوا أنّ الشعوب العربية معهم وإن طبّعت بعض الأنظمة والحكومات، وأنا أقول لكم أنّ الكتاب والمثقفين والاعلاميين وكل الشعب الجزائري مع فلسطين حيثما كانوا حول العالم”.
كما تخلل الملتقى مشاركات عبر الفيديو للشاعرة الأردنية مريم الصيفي عضو اتحاد الكتاب الأردنيين التي ألقت قصيدة بالمناسبة، ولتوشار غاندي حفيد الزعيم الهندي الراحل ماهاتما غاندي الذي طالب بـ “أن تكون هناك حملة عالمية ضدّ هذه الفكرة المستحدثة للتطبيع، لأنّ القضية الفلسطينية اليوم وحقّ الفلسطينيين في وطنهم هي أحقّ قضية بالدعم في العالم”؛ وشارك أيضاً عبر الفيديو الناشط ماندلا مانديلا حفيد المناضل التحرري الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا الذي شدّد أيضاً على أهمية إبراز أحقية الفلسطينيين بأرضهم أمام شعوب العالم ودعمهم.
كما شارك الأسير الفلسطيني المحرّر ماهر الأخرس عبر رسالة مصورة نوّه فيها بدور الجزائر حكومة وشعباً في دعم شعب فلسطين وحقّه في التحرر ومواجهة الاحتلال، معرباً عن أمله في أن يجتمع الشعبان للصلاة في المسجد الأقصى.
كما ألقى نائب رئيس اتحاد الكتاب الجزائريين نور الدين طايبي كلمة في الختام أكّد فيها أنّ شعبي الجزائر وفلسطين “أشقاء الدم والقضية والرسالة” وأنّ ادعاء الحرية والديمقراطية في هذا الزمن الرديء لا يمكن أن يكون بالسعي للتطبيع مع المحتل وتضييع حقوق الشعوب، لافتاً في الوقت نفسه إلى أنّ “هؤلاء الذين يدافعون عن الاحتلال إنّما هم أعداء شعوبهم بالدرجة الأولى، وأنّ الشعوب لا يمكن أن تقبل بحكام يطبعون مع كيان محتلّ”.
وفي ختام الملتقى تحدّث الدكتور مشري بن خليفة رئيس اللجنة الدائمة للوساطة بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان في الجزائر، والذي أشار إلى أنّ ما يحدث من تحولات وتطبيع ورؤية جديدة للتعاطي مع الاحتلال يهدف بشكل أساسي إلى بناء وعي جديد للقضية الفلسطينية ويجب مواجهته عبر العمل الإعلامي والثقافي، وقال إنّ “القضية الفلسطينية تمرّ بظروف حرجة تتطلّب من الجميع خاصة العرب تكريس وعي حقيقي ومنع تشرب الافكار التضليلية الساعية الى تزييف التاريخ وتشكيل وعي زائف للأمة”.