مقالات

سفراء العودة إلى فلسطين

في مشهدية متميزة، تحمل رسائل غنية بالدلالات والمعاني، شهدت بيروت اجتماع رموز نضالية عالمية على اسم فلسطين وحقّ العودة.

في صفٍ واحد وقفت قامات كبيرة، لا تحمل فقط إرثَ عائلتها الحافل بمقارعة الاستعمار ومواجهة العنصرية واستغلال الشعوب ونهب خيراتها واستعبادها؛ ولكنها قامات أضافت الكثير من المواقف والمنجزات إلى الإرث الأممي المشترك في الدفاع عن حرية الأمم واستقلالها.

وقف أحرار أوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا وإفريقية جنباً إلى جنب دعماً للشعب الفلسطيني في المواجهة البطولية التي يقف فيها أمام إرهاب الجيش الصهيوني، وتقديراً لتضحيات الشباب والنساء والأطفال في مخيمات الضفة وغزة ومدينة القدس.

جاء المشاركون من مختلف أنحاء العالم، ليقفوا على مسافة أمتار من الأراضي الفلسطينية المحتلة، في تلك المشهدية التي أشرنا إليها، والتي كان من أولى رسائلها:

أن محاولة الاستعمار العالمي والكيان الصهيوني لاحتواء القضية الفلسطينية لم ولن تنجح، وأن سعيهم للاستفراد بالشعب الفلسطيني، وكسر إرادته بالعنف والإسراف في القتل والاعتقال هو سعي فاشل وعقيم.

لقد أراد أعداء الشعب الفلسطيني الإيحاء للناس أن تطبيع الكيان الغاصب مع العديد من الدول يعني التطبيع مع الشعوب؛ وأن حظر المحتوى الفلسطيني على شبكة الإنترنت، ومنع الشعب الفلسطيني من توصيل رسالته عبر الإعلام يعني وأد القضية الفلسطينية وموت اسم فلسطين.

وكان مخطط هؤلاء المستكبرين أن يشغلوا الناس عن الاهتمام بفلسطين من خلال الضغط الاقتصادي وتجويع الناس وإشغالهم بحاجاتهم المعاشية اليومية عن الاهتمام بالقضايا الكبرى المشتركة ما بين شعوب العالم.

لكن اجتماع هذا العدد المتميز نوعياً في “الملتقى الدولي لسفراء العودة” يؤكد أن فلسطين لا زالت حيّة وحاضرة بكل قوة في اهتمام عموم الناس، وخاصة لدى المناضلين الأحرار من مختلف دول العالم.

خمسون شخصية تقريباً هم الذين شاركوا في الملتقى، ومن أربع وعشرين دولة، ومن لغات وثقافات وأديان تمثّل التنوع الإنساني الغنيّ، تمّ تقليد ثمان شخصيات منهم سمةَ سفير العودة إلى فلسطين، ليكون ذلك خطوة على تفعيل العمل العالمي في التضامن مع فلسطين، وحافزاً لكل الأحرار لمزيد من العطاء لفلسطين.

بين هؤلاء السفراء نجد المرأة المناضلة إلى جانب الرجال، وكان مؤثراً للغاية إعلان سفيرة العودة الدكتورة أليدا ابنة المناضل الأممي أرنستو غيفارا، أنها تتقبل هذا الشرف العظيم الذي يعنيه اسم “سفير العودة” لتضع نفسها في خدمة نساء وأطفال فلسطين، وتكون سفيرة لهم حيثما يجب أن تكون.

كما نجد بين هؤلاء السفراء برلمانيين كباراً، كالنائب الإسباني في البرلمان الأوربي مانويل بينيدا، الذي عاش في غزة لعدة سنوات، وظل وفياً لقضية فلسطين بكل قوة حتى اليوم.

وإذ يحمل ماندلا الحفيد وغاندي الحفيد إرث جدّيهما العظيمين، لكنهما يقدمان أيضاً سجلاً مشرفاً في مقارعة الاستعمار والدفاع عن قضية فلسطين.

أما من العالم العربي فنجد الملتزمين بفلسطين في مجالات الإعلام والرياضة والفن والأدب، من خلال غسان بن جدو وحفيظ دراجي ومعين شريف وحسين الأكرف.

وسيكون لهذا المشروع في المستقبل حلقات وسفراء جدد، إضافة إلى أفكار مبتكرة نرجو أن تسهم في تطوير مشروع سفير العودة، حتى يؤدي دوره المنشود ويحقق أهدافه السامية.

بقلم الشيخ محمد أديب ياسرجي
أمين سر الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى