مقالات

أي ذلّة حلت بالعرب والمسلمين ؟!

الأستاذ الدكتور الشيخ علاء الدين زعتري

الأقصى أسير، وفلسطين مغتصبة، وغزة مدمَّرة، والدماء مستباحة، والأعراض منتهكة، والعمار دمار، والزرع والشجر بوار، والعدو مسيطر، مستكبر، متجبر، صائل، والعرب والمسلمون في صمت قاتل، وبعض الأنظمة مساعد للاحتلال، أو وسيط بين الضحية والجلاد (والأصح أنه منحاز له).

في غزة الصمود والإباء؛ لن تحفروا شبراً منها إلا وفيه شلوٌ ممزع، أو أنملة، أو يد، أو قَدَم، أو ساق؛ ليس لمقاتلين أشاوس فحسب، بل لأطفال ونساء ورجال (مستضعفين).

في غزة لا تجد وردة أو شجرة؛ إلا وقد خالط ماءَها دمٌ ساهم في إنبات تلكم الشجرة.

يا أمة الإسلام: لقد وقع ما حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يُوشِكُ الأممُ أن تداعَى عليكم كما تداعَى الأكَلةُ إلى قصعتِها. فقال قائلٌ: ومن قلَّةٍ نحن يومئذٍ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكنَّكم غُثاءٌ كغُثاءِ السَّيلِ، ولينزِعنَّ اللهُ من صدورِ عدوِّكم المهابةَ منكم، وليقذِفَنَّ اللهُ في قلوبِكم الوهْنَ. فقال قائلٌ: يا رسولَ اللهِ! وما الوهْنُ؟ قال: حُبُّ الدُّنيا وكراهيةُ الموت”.

فالجهاد في سبيل الله تعالى في حال تُغتصب أرض المسلمين، ودمائهم، وأعراضهم، أولى من حج متعة ورفاهية، وخير من حج أولئك الذين يكررون الحج أعواماً، ويعتمرون مراراً؛ لأن تكرار الحج نافلة، وجهاد الدفع فريضة.

متى تفيق الأمة لرشدها ؟!

المسلمون يذبحون الأضاحي في يوم العيد، والصهاينة يذبحون أهل غزة دون رأفة، ويستعدون لاقتحام المسجد الأقصى!!! ويخططون لتدنيس قبة الصخرة بأعلامهم، وتدنيس ساحات الأقصى بدماء قرابينهم (البقرة الحمراء).

الأمة الإسلامية، كل شخص منشغل بنفسه، جزء في المصايف، وجزء في الحج، والباقي يسعى بشغف ليتحصل على رغيف الخبز، والمتغلبون على السلطة في سكرتهم يعمهون.

إن القرآن الكريم يقول: ﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا﴾ [الفرقان:52] أي: جاهد بهذا القرآن، واجعل القرآن أداة جهادك، وأداة كفاحك، وأداة حربك، فحرّم حرامه، وأحل حلاله، والتزم أوامره.

القتال فرض فيما إذا كان العدو على رمي حجر منا؛ فإن لم نفعل أثمنا جميعاً، ومن هنا ذل المسلمون على كثرة أموالهم وسعة أرضهم، وفي الحديث: “ما ‌ترك ‌قوم ‌الجهاد ‌إلا ‌ذلوا”.

والعدو اليوم قد استباح حرمات الله، وبيده المسجد الفاضل الثالث، والمسلمون يُذَلوُّن، ويُقتّلون، وتُهتك أعراضهم، وتُزهق أرواحهم، وتسيل الدماء منهم أنهاراً، والآخرون ينظرون، وذلك هو البلاء، وذلك هو الخزي والعار.

لكن؛ لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضُرُّهم من خذلهم!

قالوا: أين هم يا رسول الله؟

قال: ببيت المقدس، وأكناف بيت المقدس.

ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يقل لا يضرهم من عاداهم، فالعدو لا يتوقع منه إلا الضرر! وإنما قال من خذلهم، لأن الخذلان يأتي ممن يرتجى منه الخير!

أن يعطش والأنهار تجري في بلاد إخوانه!

أن تتوقف سيارات إسعافه بسبب نفاد الوقود، وأهله هم من أكثر الأمم نفطاً!

أن يجوع ولا يُدخِل له جاره طعاماً إلا ما يأذن به عدوه!

ولكن أهل الإيمان واليقين، والمجاهدين والمقاومين ماضون، ولن يوقفهم خذلان قريب ولا إجرام عدو.

وما هي إلا أيام ستمضي بطولها أو بعرضها، وإن خرج الحق منها مكلوماً، ولكنه سيداوي جرحه سريعاً، وسيكمل طريقه غير عابئ ولا ملتفت.

وسيذكر التاريخ ثلاثة لا رابع لهم:

مجاهدون وأحرار؛ حملوا قضية فلسطين وجعلوا من أنفسهم رأس حربة تذود عن المسجد الأقصى.

وأنظمة تحزبت للقضاء على المجاهدين، واتخاذ فلسطين مركزاً للسيطرة على الشرق الأوسط.

ومنافقون يدعمون الإرهاب للقضاء على كل مقاومة خوفاً على عروشهم.

اللهم هذا حال المجاهدين في غزة وفلسطين، ولا ناصر لهم إلا أنت سبحانك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى