حقيقة الصراع
السلام عليكم في أيام بات السلام مذبوحاً؛
لماذا كل هذا القتل؟ ولماذا كل هذا التدمير؟ ولماذا كل هذا الصمت الرسمي؟ ولماذا كل هذا التزوير والتضليل والتزييف للحقائق؟ لماذا يجب قتل صوت التحرر والكرامة؟ وأخيراً وليس آخراً لماذا كل هذه الحاملات والعتاد والقوة والهمجية القادمة من آلاف الكيلو مترات، والمتوجهة إلى قطاع غزة الصغير الحجم بالمعنى المادي، ولكنه الكبير بالمعنى النوعي والمعنوي؟
الإجابة على كل هذه الأسئلة واضحة المعالم، وقريبة المنال، وربما لشدة قربها عميت أبصارنا عنها كما قال البعض: “إن شدة القرب حجاب” نعم أخي القارئ، الجواب واضح كعين الشمس بشرط أن نقرأ المشهد بعيداً عن كل التضليل والتزوير والغرق في المستنقعات الفكرية التي أريد لنا أن نغرق فيها.
إذا أردنا البيان الصادق والكلام الشافي والبوصلة التي لا تضل والتوجيه الذي لا يتطرق إليه شك، ولا يختلف عليه وفيه مسلمان، فلن نجد هذا البيان الواضح إلا في تقريرات القرآن التي نزلت من لدن حكيم خبير، لا يأتيها الباطل من أي جهة، ولا تتعطل أبعادها على مر الزمن.
في مطلع سورة الإسراء إيحاءات ذات دلالة هامة يجب التوقف عندها
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ * وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِن دُونِي وَكِيلًا * ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا * وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا} سورة الإسراء: 1- 4
الأمر الذي يلفت أنظارنا، ويدعونا إلى محاولة استخلاص العبر والدلالات هو: ماهي الصلة بين حادثة الإسراء التي وقعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة، واليهود الذين لم يكن له كيان ولا وجود في مكة؟ وما هي الحكمة في هذا الانتقال المفاجئ من الحديث عن الإسراء إلى الحديث عن اليهود؟
إن سورة الإسراء هي سورة بني إسرائيل، وإن سورة الإسراء تربط حادثة الإسراء بأرض الإسراء ـ فلسطين ـ وتلفت النظر مشيرة إلى الخطر الذي يتهدد أرض الإسراء، وتسلط الضوء على الحقد اليهودي الموجه إلى أرض الإسراء، وتصف وصفاً دقيقاً معالم شخصية العباد الذين يخلصون أرض الإسراء من الغزاة.
إن مطلع السورة يعرّفنا على طبيعة الصراع بيننا وبين اليهود الغزاة المحتلين، إنه صراع بين رسالة الخير والحق التي يقودها المسلمون، وبين رسالة الشر التلمودية التي يقودها اليهود، إنه صراع رسالة الإيمان والعبودية والإنسانية اتي يحملها سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، والتي حملها من قبله أنبياء الله تعالى من لدن نوح العبد الشكور، إلى نبينا محمد وآله وصحبه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين، والذين وصفهم خالقهم بأنهم {عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} ورسالة الكفر والضلال والتكذيب وتزوير الحقائق وقتل الإنسانية والإفساد في الأرض، التي وصف الله تعالى أتباعها بأنهم { لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا} .
لهذا جاء الكفر كله، ليحارب الإيمان كله. هل بعد ذلك مكان للحياد؟ والسلام على المجاهدين.
منسّق الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين
الشيخ الدكتور عبد الله كتمتو