مقالات

في ذكرى الشهداء القادة وانتصار هشام.. عِشْ عزيزاً أو مُتْ وأنت تقهر عدوك

في الذكرى الثانية لاستشهاد القادة أبي مهدي المهندس وقاسم سليماني أخذ الأسير البطل هشام أبو هوّاش قراراً من الاحتلال الغاشم بالإفراج عنه أواخر الشهر القادم؛ هذا القرار انتزعه هشام من فَمِ الوحش الكاسر، بإرادته وصموده وتكاتف المقاومة الفلسطينية معه بعد إضرابه المتواصل عن الطعام لأكثر من 140 يوماً.

ولقد شهدت هذه الأيام الطويلة تضامناً دولياً واسعاً من أحرار العالم مع هشام، وشهدت في الوقت نفسه تشكيكاً من بعض المعلّقين في جدوى هذه الإضرابات التي خاضها الكثير من أبطال فلسطين ولا زالوا يخوضونها حتى اليوم، بمن فيهم هشام أبو هواش.

ومما لا شكّ فيه أن انتصار هشام يقطع الشكّ باليقين، ويؤكد صوابية الإجراءات التي يتخذها الأسرى الأبطال، لأنها وحدها التي استطاعت كسر جبروت الاحتلال، الذي لم يسمع من أي دولة، ولا حتى من السلطة الفلسطينية، كلمةً واحدةً تطالبه – في الحدّ الأدنى – بالالتزام بالقوانين الدولية في معاملة الأسرى؛ بينما استطاع المقاومون الأبطال إلزامه بإعادة حساباته في العديد من القضايا.

وبالعودة إلى سياسة الإضراب عن الطعام نقول: إن هذه الإضرابات لا تحمل رسالة شخصية تخصّ الأسير المضرب وحده، لكنها إحدى الوسائل القليلة المتاحة من أجل رفع الصوت في وجه العالم المنافق والأخرس، الذي يتعامى عن الجرائم الوحشية والانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني بحقّ الشعب الفلسطيني، وخاصة بحق الأسرى والمعتقلين الإداريين، وخاصة منهم النساء والأطفال.

إن صوت الأمعاء الخاوية الذي رفعه هشام أبو هوّاش لا يهدف فقط إلى إجبار الاحتلال على إلغاء قرار الاعتقال الإداري بحقّه، ولكنه الصوت الذي يمثّل جميع هؤلاء الأسرى الشرفاء الذين لم يرتكب أحدهم أي جريمة تعاقب عليها القوانين العادلة، سوى مقاومة الاحتلال، المقاومة الشريفة التي يعترف بها العالم كلّه حقاً مشروعاً لجميع الناس دفاعاً عن أرضهم وكرامتهم الشخصية والوطنية.

وإنّ إصرار الاحتلال على المزيد والمزيد من الانتهاكات الجسيمة بحقّ الأسرى الفلسطينيين هو رسالة تحدٍ صارخة وواضحة للمجتمع الدولي وجميع منظمات حقوق الإنسان؛ كما هو رسالة استهزاء وخزي يوجهها العدو إلى المطبعين الذي عميت عيونهم وقلوبهم عن رؤية حقيقة ما يجري في فلسطين وفي عموم منطقتنا العربية والإسلامية، خاصةً في غرب آسيا.

إننا إذ نبتهج بانتصار هشام على العدو الظالم لا ننسى إخوانه الآخرين من الأسرى الأبطال الذين يواجهون السياسات القمعية لمصلحة السجون الصهيونية، والتي تعرّض حياة الكثير منهم لخطر ماحق، فضلاً عن مخالفتها لكل القوانين الدولية.

كما نحيي ذكرى استشهاد قادة المقاومة الأبطال أبي مهدي المهندس وقاسم سليماني، الذين امتلكوا الخصائص الفكرية والروحية العالية، وقدموا خلال مسيرتهم النضالية أعظم الأعمال في العديد من الجبهات، في مواجهة الاستكبار العالمي وصنيعته الكيان الصهيوني.

إنّ صفات المهندس وسليماني وأبطال فلسطين، بمن فيهم القادة العظماء أمثال فتحي الشقاقي وغيره، ونضالهم الدؤوب وشهاداتهم المشرّفة؛ كل ذلك يرفعهم إلى مرتبة سامية يضارعون بها جيل المناضلين الأمميين الذين عرفهم العالم خلال القرن العشرين.

ومع كل التقدير والتبجيل للعديد من الأسماء العظيمة التي يحتفي بها أحرار العالم كأيقونات للنضال العالمي، فإن المهندس وسليماني والشقاقي، وكذلك أبو هواش وإخوانه الأبطال يملكون أعظم المؤهلات التي تجعلهم أيقونات عالمية لكفاح البشرية ضد الطغاة والمستكبرين.

ولاشك في أن شبابنا في الحاضر وأجيالنا القادمة هم بحاجة إلى التعرف على سيرة هؤلاء العظماء، لكي تكون لهم أسوةً في حياتهم وفي بناء شخصياتهم، وهذا ما يجب على إعلامنا أن يهتمّ بإظهاره.

رحم الله الشهداء القادة، وحفظ أبطال فلسطين.

محمد أديب ياسرجي
أمين سر الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى