عام على الرحيل.. رمضان شلّح اسم آخر لفلسطين
لا مبالغة إن قيل أن اسم رمضان عبد لله شلّح هو واحد من أسماء فلسطين، فالرجل الذي حلّت ذكرى وفاته الأولى، الأحد الماضي 6-6-2021، بذل أكثر من 42 عاماً في سعيه الحثيث لنقل القضية الفلسطينية إلى موقع الصدارة في الاهتمام العربي والدولي، وتحويلها إلى قضية جامعة تخدمها الكلمات تارةً والدماء طوراً.
رمضان عبد الله شلّح.. ابن الشجاعية ذو الصوت الصادح
ولد رمضان عبد الله شلّح في شباط/ فبراير عام 1958، وتلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي في غزة، كما حصل على شهادة الثانوية العامة التوجيهي في القطاع، قبل أن يتوجه إلى مصر لمتابعة تعليمه الجامعي، حيث درس الاقتصاد في جامعة الزقازيق، وتخرج منها سنة 1981.
أثناء الدارسة في جامعة الزقازيق تعرّف شلّح على الدكتور فتحي الشقاقي، بالرغم من أنهما لاينتميان إلى نفس التخصص، فقد كان الشقاقي يدرس الطب في السنة الثانية.
كان الشقاقي قد بدأ بنشاطه السياسي منذ كان طالباً، لكن خطواته لم تتبلور إلا بعد الثورة الإيرانية سنة 1979، حيث بدأ البحث عن طريق لتنظيم حركة مسلحة تعمل على تخليص فلسطين من الاحتلال.
وفي عام 1978 اقترح شلّح على صديقه الشقاقي تشكيل تنظيم، فأخبره الشقاقي أنه يترأس مجموعة صغيرة باسم “الطلائع الإسلامية”، فما كان من شلّح إلا أنه انضم لهذا التنظيم.
وتوسعت المجموعة بعد ذلك بانضمام العشرات من الطلبة الفلسطينين في الجامعات المصرية، لتشكّل بداية لحركة “الجهاد الإسلامي”.
بعد ذلك عاد شلّح إلى غزة وعمل أستاذاً للاقتصاد في الجامعة الإسلامية، لكنه لم يتخلَ عن مهامه النضالية، فاشتهر بالدعوة وبخطبه الجهادية التي أثارت غضب “إسرائيل” ففرضت عليه الإقامة الجبرية ومنعته من العمل في الجامعة.
كان من المعروف عن شلّح قدرته اللغوية العالية وموهبته في تأليف الشعارات السياسية والخطب، وبصوته الجهوري المساعد على إلقاء الكلمات الحماسية، ولهذا كان غالباً على رأس التظاهرات الشعبية في قطاع غزة.
شلّح يعرّف بالقضية الفلسطينية بالخارج.. ويجهّز للعمل العسكري
في عام 1986 غادر شلح فلسطين إلى لندن لإكمال الدراسات العليا، وحصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة “درم” عام 1990، ليتنقل بعدها بين عواصم الكويت ولندن ثم إلى الولايات المتحدة حيث عمل أستاذاً لدراسات الشرق الأوسط في جامعة “جنوبي فلوريدا” بين عامي 1993 و1995.
عام 1995 توجّه إلى سوريا، بعد أن اشتد به الشوق للعودة إلى فلسطين، وبانتظار الانتهاء من أوراقه الخاصة بالعودة، التقى بالدكتور الشقاقي وعملاً معاً مدة 6 أشهر لوضع الخطط لتطوير العمل الجهادي، لكن وفي ذلك العام اغتال جهاز الموساد الدكتور الشقاقي في مالطا.
انتخب رمضان عبد الله شلّح أميناً عاماً لحركة “الجهاد الإسلامي” خلفاً للشهيد فتحي الشقاقي، فسعى إلى مواصلة طريقه في معارضة اتفاق أوسلو ودعم الخيار المسلّح لمواجهة الاحتلال وإقامة العلاقات السياسية الحسنة والإيجابية مع كل أصدقاء القضية الفلسطينية ومع بداية الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، اتهمت “إسرائيل” رمضان عبد الله شلح بالمسؤولية المباشرة عن عدد كبير من عمليات “الجهاد الإسلامي” ضد أهداف إسرائيلية.
وارتبط اسم شلّح بعملية “زقاق الموت” التي وقعت في مدينة الخليل، والتي تسببت بمقتل قائد عسكري إسرائيلي بالإضافة إلى 13 جندياً آخرين.
وأدرجت واشنطن شلّح على قائمة “الشخصيات الإرهابية” عام 2003، وفي نهاية عام 2017 أدرجه مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي”FBI”، على قائمة المطلوبين.
وسبق أن أدرجت السلطات الأميركية شلح على قائمة “الشخصيات الإرهابية” بموجب القانون الأميركي وصدرت بحقه لائحة تضم 53 تهمة من المحكمة الفيدرالية في المقاطعة الوسطى لولاية فلوريدا عام 2003.
وقامت الإدارة الأميركية عام 2007 بضمه لبرنامج “مكافآت من أجل العدالة”، وعرضت مبلغ 5 ملايين دولار مقابل المساهمة في اعتقاله.
شلّح يصارع المرض.. وينتصر للحياة
توفي رمضان شلّح في بيروت في 6 حزيران/يونيو 2020 عن عمر ناهز 62 عاماً، وذلك بعد صراع مع نتيجة “مرض عضال” خلال السنوات الأخيرة من حياته.
أوصى شلّح بأن يُدفن في قطاع غزة، لكن الاحتلال الصهيوني منع دخول جثمانه إلى القطاع، فنُقل إلى مخيم اليرموك للاجئين في دمشق ليدفن هناك بجوار شقيقه في تأسيس “الجهاد الإسلامي” وقيادتها فتحي الشقاقي.
لكن قبل وفاته بعامين، ومع اشتداد المرض وصعوبة ممارسته لمهامه القيادية، تخلى عن أمانة “الجهاد الإسلامي” عام 2018 لأخيه زياد نخالة الذي أكد اليوم أن الحركة بقيادة شلّح “تقدمت بثبات على كل المستويات التربوية والسياسية والعسكرية”.
المصدر: الميادين