مقالات

طبيعة لا تتغير

ليس جديداً قتلهم الآخر، وليس جديداً قتلهم أصحاب الرسالات، وأصحاب الإصلاح في الأرض، وليس جديداً إجرامهم بحق الأبرياء، سواءً أكان هذا المقتول كبيراً أم صغيراً، ذكراً أم أنثى، محارباً أم مسالماً، طالما أن هذا القتل يحقق غايتهم ويروي عطشهم للدماء.

لقد وصفهم الله لنا في كتابه وصفاً دقيقاً، ولم يترك لنا زاوية من زوايا شخصيتهم إلا وأتى على ذكرها بدقة متناهية لا تدع لصاحب لبّ وعقل أي نقطة غموض أو شك، حتى لا يدع لأي منا وعلى مدى التاريخ أي عذر يدفع صاحبه إلى مهادنتهم أو السكوت على ظلمهم أو الاغترار بما يدّعون من أخلاق أو وعود أو طهارة يدٍ.

إنهم قتلة الأنبياء، قال الله تعالى: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاۤءَكُمۡ رَسُولُۢ بِمَا لَا تَهۡوَىٰۤ أَنفُسُكُمُ ٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡ فَفَرِیقࣰا كَذَّبۡتُمۡ وَفَرِیقࣰا تَقۡتُلُونَ﴾. سورة البقرة

إنهم يسعون فساداً، قال الله تعالى: ﴿ويَسْعَوْنَ في الأرْضِ فَسادًا﴾. سورة المائدة

إنهم يحركون الحروب ليعيشوا على أنقاضها، قال سبحانه وتعالى: ﴿كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ﴾. سورة المائدة

إنهم لا يراعون حقاً مع غيرهم، قال تعالى: ﴿لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً﴾. سورة التوبة

حتى وصل بهم الأمر أن يتهموا ربهم بالبخل، فقالوا: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا﴾. سورة المائدة

أما جدالهم ومماطلتهم في إعطاء الحق فذاك أمر يكفي أن نقرأ قصة البقرة في القرآن لنعلم عن شخصيتهم الماكرة والمجادلة والمراوغة، ما يدفعنا للوقوف طويلاً عندما نريد مفاوضتهم أو نقاشهم في أي مسألة لنستلهم من هذه القصة الكثير من طرائق الحوار معهم وعدم السماح لهم بالكذب والخديعة وإطالة زمن المفاوضات.

إنها الطبيعة التي لا تتغير. إنهم اليوم كما كانوا بالأمس، وكما سيكونون غداً، وإلى قيام الساعة.

لقد غدروا بالقادة المجاهدين ليلاً، دون أن تكون هناك معركة دائرة بينهم، قتلوا النساء والأطفال والجيران والمدنيين الآمنين، إنها الطبيعة المكونة بها نفوسهم المتمردة على الحق والإنسانية.

وهم الذين يتشدقون بالديمقراطية الوحيدة في المنطقة، وأنهم من أكثر أهل المنطقة احتراماً لحقوق الإنسان، ويتباهون كذباً في إعلامهم بأنهم لا يقتلون إلا المقاتلين، ويدعون النساء والأطفال ليعيشوا بأمان.

 إنهم الذين يطالعنا أشخاص منهم في تسجيلات يدّعون من خلالها أنهم يحافظون على كرامة الناس، ويريدون أن يعيش الجميع بسلام وأمان، وأنهم دعاة سلام، وأكبر دليل على كذبهم تاريخهم الحامل بالمجازر، والمجزرة التي حصلت أخيراً وليست الأخيرة، فلقد استهدفوا بعد القادة الثلاثة مع أهلهم وجيرانهم قائداً آخر مع زوجته وأولاده، والجرائم مستمرة، لأنهم هم كذلك، ولا تتغير هذه الطبيعة فيهم، والمشكلة لدينا أننا نحسن الظن في المكان والزمان والأشخاص الخطأ، لأننا حكمنا وجهة نظرنا القاصرة ونسينا توصيف الخالق لهم.

فالبعض منَّا تحالف، والبعض منَّا تفاوض، والبعض منَّا دخل في صلح خاسر معهم، والبعض منَّا جعل وجودهم بيننا طبيعياً، والبعض منَّا فضّلهم على أهل دينه وعرقه، وكل هؤلاء تناسوا دماء الشهداء، وتعاموا عن اغتصاب الأرض، وتجاهلوا الجرائم اليومية لهذه الفئة المتمردة والقاتلة، بل إن بعضهم قال: يجب على الطرفين المتحاربين أن يوقفا العنف المتبادل بينهم.

إنها دبلوماسية الخنوع والذل والاستكانة، والمطلوب اليوم وقفة صدق مع الله أولاً، ومع الذات ثانياً، ومع التاريخ والحق ثالثاً، ومع الشهداء والأسرى، لنكون بحق أصحاب كرامة وعزة وعبيداً لهذا الخالق العظيم الذي دلنا على الحق وأمرنا أن نقتفيه في مسيرتنا نحو الآخرة. الطريق الوحيد نحو كل ذلك طريق الجهاد والمقاومة ولا طريق ولا بوصلة صحيحة دون ذلك.

الشيخ الدكتور عبد الله كتمتو
منسّق الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى