المفتي قبلان للبابا فرنسيس: تجاهل مظلومية فلسطين يضع المنطقة كلّها في المجهول
وجه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان كتابا إلى البابا فرنسيس “رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم” جاء فيه”:
“حضرة الحبر الأعظم البابا فرنسيس بعد التحية والسلام أقول والوجع يعتصر قلبي: ما أشبه يوم غزّة بالأمس الذي عاشه إشعياء النبي الذي تجرّع أسوأ فترة تاريخية اختلط فيها الظلم بالطغيان والقهر بالوجع وقد أرّخها بقوله: (وقد ارتدّ الحقّ إلى الوراء، والعدل يقف بعيداً، لأن الصدق سقط في الشارع والإستقامة لا تستطيع الدخول)، واليوم الحق في غزّة صريع، والإستقامة تحت الركام، والعدل ممزّق، والرحمة مذبوحة، وصوت الرّب مِن فوق الخليقة يقول: أغيثوا الحقّ، وانتشلوا العدل، واردعوا الظالم، وأنصفوا المظلوم، وامنعوا الباطل، وحاموا عن الضعيف، كل ذلك وسط طغيان صهيوني يمارس الإبادة والفظاعات عبر ترسانة لا نهاية لها من الطائرات والدبابات والمدافع والصواريخ الثقيلة والقنابل المشحونة والأساطيل الحربية ومن خلفه أكبر حاملة طائرات أميركية وأساطيل غربية تمتهن الترويع وتكنولوجيا الحرب فيما واشنطن تحشد العالم الغربي على قلّة فلسطينية مظلومة أكلتها حروب الاحتلال الصهيوني منذ العام 1948، والشهادة لله، والموقف مُرّ، واللحظة موجعة، والمشهد فظيع، والدماء تلطخ السماء، وأنّة الأطفال تملأ الدنيا، وعويل النساء دونه مذابح وجنائز وجثث مطحونة تحت الركام، ومن فوقه حمم تملأ سماء غزّة وبحرها وأرضها بآلة الإبادة المدعومة بأكبر أسطول أميركي، وها هو صوت الرّب يستصرخ ناصراً للحق ومعيناً للمظلوم، و”الظالم في القليل ظالم في الكثير” كما في إنجيل لوقا، فكيف هو الحال بقلة لا ناصر لها إلاّ الله، وها هي تستصرخ من يرحمها، وتستغيث من يمنعها، وتنادي من يعمّد دمها، وتستنجد من يرفع ثقل جنائزها ويكرّز بمعاناتها ويتأبّط أشلاء أطفالها ونسائها، وكلّنا أمل بصرخة الكنيسة التي تقول: “اطلبوا الحقّ وانصفوا المظلوم، واقضوا لليتيم، وحاموا عن الأرملة”، وثقل الصخرة بالعدل، والكنيسة أخت الفداء، والناموس يستصرخ الصارخ، وأنّة فلسطين فوق الأشلاء، وغزّة محنة الرّب، فأغيثوا، فإنّ لنا بكم أملاً كبيراً بإغاثة غزة ونصرة أشلائها ولملمة جراحها والصراخ بمعاناة أهل فلسطين ومظلوميتها.
وهنا أقول: آلة الحرب الأطلسية وانحياز أنظمتها السياسية جزء من مشكلة فلسطين، وطغيان تل أبيب واحتلالها سبب كل المآسي، وتجاهل مظلومية فلسطين يضع المنطقة كلّها بالمجهول، والإصرار على لغة القتل والإبادة يضع الإقليم كله أمام خيارات كارثية، ونحن أمام لحظة وشيكة، وتل أبيب تضع الشرق الأوسط كله بموقف لا يمكن التنبّؤ به، فأعينوا الحق وأغيثوا الضعيف، فإنّ “الصوت ثابت برأس الجبال ويرتفع فوق التلال وتجري إليه كل الأمم” كما أرّخ ذلك إشعياء النبي ليكون لسان الحق الأبدي بدنيا الإنسان”.