ذهبية القدس
تشهد بيروت في نهاية هذا الشهر ومطلع شباط القادم فعاليات “الملتقى الدولي للرياضيين المناهضين للتطبيع”، الذي تنظمه الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين بالتعاون مع أعضائها والعديد من شركائها وأصدقائها حول العالم.
هذا الملتقى الدولي الذي هو الأول من نوعه، يأتي بعد تنامي ظاهرة انسحاب اللاعبين الرياضيين، في المنافسات الدولية الرياضية، رفضاً لمواجهة أي لاعبٍ يمثل الكيان الصهيوني الغاصب، كما حدث خلال أولمبياد طوكيو 2021 وغيرها من المنافسات الدولية في مختلف الألعاب الرياضية، وكان آخرها انسحاب الفتى الكويتي البطل محمد العوضي من بطولة دبي للتنس للمحترفين الشباب.
ظاهرة الانسحاب الرياضي هذه هي ردٌّ طبيعي وضروري على عدة مسارات، منها الردُّ على الكيان الصهيوني الذي يستغل الألعاب الرياضية للترويج لنفسه، والإمعان في تغييب قضية الشعب الفلسطيني، وخاصة عندما يقبل لاعب عربي أو مسلم بمواجهة لاعبي الكيان الغاصب، كما حدث مع لاعبة الجودو السعودية التي خسرت أمام اللاعبة الصهيونية في طوكيو، لكن احتفاء العدو بالمباراة كان لمجرد قبول اللاعبة السعودية منازلة اللاعبة الصهيونية، وقد اعتبر الإعلام الصهيوني أن هذه المباراة دليل على مقبولية الكيان الغاصب لدى الشعوب العربية، وعلى هجر هذه الشعوب للقضية الفلسطينية، وقام بالترويج لذلك عبر شبكاته الإعلامية العالمية.
ولعل هذه النقطة تساهم في الإجابة على العديد من التساؤلات التي تثار، بحُسن نية وبدون ذلك أحياناً، عن أسباب الانسحاب، ولماذا لا يقبل اللاعب بمنازلة ممثل الكيان الغاصب، ويحرص على هزيمته.
والجواب كما يعلم الجميع أن العدو يرحب باللعب مع ممثليه، ولو كان يعلم يقيناً أنه سيخسر في المباراة، لأنّ أهدافه ليست رياضية أبداً كما أشرنا سابقاً.
كما تشكل هذه المواقف الرياضية المشرّفة رداً مباشراً على جوقة التطبيع الذليل، التي لم تقنع بالتطبيع السياسي والأمني؛ وأصرّت على إقحام الشعوب في وحل التطبيع، لتحقيق ما عجز المطبعون الأوائل عن إنجازه، وهو إنجاز التطبيع دينياً وثقافياً واجتماعياً؛ ولكن الرياضيين أعلنوا أنهم كممثلين أوفياء للإرادة الشعبية يؤكدون مناعة هذه الشعوب عن التلوث بفيروس التطبيع القاتل.
وبالتالي كان لزاماً أن تتمّ الدعوة إلى مثل هذا الملتقى والمهرجان التكريمي للرياضيين المناهضين للتطبيع، من أجل الشدّ على أيديهم تأييداً لهم في مواقفهم الجريئة، التي انبثقت من وعيهم بحقيقة وشمولية الصراع مع العدو الصهيوني، وكذلك من أجل تقديم كلمة شكر ودعم لهم في مواجهة الحملات الإعلامية الشرسة التي تعرضوا لها من قبل الإعلام الصهيوني وأبواق التطبيع العربي، وكذلك في مواجهة العقوبات الرياضية الظالمة التي فرضتها المؤسسات الرياضية على العديد منهم.
سوف يتمّ في هذا المهرجان تقديم ميدالية رمزية للأبطال المناهضين للتطبيع، باسم (ذهبية القدس)، وسيتقلد كل بطل منهم ميداليته الخاصة من يد أحد الشخصيات الاعتبارية الرياضية أو الفكرية أو النضالية التي ستشارك في الملتقى من أجل المزيد من الدعم والتكريم للرياضيين.
إضافة إلى المهرجان التكريمي يضمّ الملتقى الدولي أعمالاً أخرى، منها مناقشة (ميثاق الشرف ضد التطبيع الرياضي)، وكذلك مقترح إطلاق رابطة دولية للرياضيين المناهضين للتطبيع والمؤيدين للحق الفلسطيني الأكيد، وكفاح الشعب الفلسطيني المشروع.
نرجو الله التوفيق لأعمال هذا الملتقى، الذي سيتابع أعماله من خلال الرابطة المذكورة، وسيكون بإذن الله علامة على وعي هذه الأمة، وعلى بصيرة أبنائها، وحصانتهم ضد مخططات التطبيع والتدليس الثقافي والفكري والزيف الإعلامي الذي يروّج له المطبعون.
ومما لاشك فيه أن صمود الشعب الفلسطيني وتضحياته العظيمة التي نتابع العديد من الأخبار عنها في هذا العدد، هي وحدها صاحبة الكلمة الفصل في موضوع الصراع مع الغاصب المجرم، وكلمته التي لا تردد فيها هي كلمة التحرير لكل الأرض، واستعادة الاستقلال والحقوق والمقدسات.