مقالات

غزّة تواجه عالم الشرّ

قبل يومين فقط من انطلاق ملحمة طوفان أقصى، نقلنا في مقدمة العدد 330 من هذه النشرة، عن شخصية مقدسية عريقة قوله: (نحن نواجه معركة الموت أو الحياة، وأعتقد أنّنا نقترب من خط النهاية، وقد أصبح الأقصى اليوم ساحة المواجهة الأخيرة، على سبيل التأكيد وليس الاحتمال، للدفاع عن فلسطين وشعبها وقضيتها… إنّ ملامح بناء الهيكل تلوح في الأفق، وإذا حصل ذلك فاقرؤوا السلام على أنفسكم وبلادكم، وليس على القدس وفلسطين والشعب الفلسطيني فقط… بعد بناء الهيكل سيتمّ ضمّ الضفة، وإنهاء قضية اللاجئين وإلغاء حقّ العودة، وموت الشعب الفلسطيني كأمة، أو جزء من الأمة، ليتحول نحو وضعية تطابق سكان أمريكا الأصليين بعد احتلالها من المستوطنين الأوربيين).

وفي هذا الكلام كفايةٌ لمن أراد أن يفهم أسباب هذه الملحمة، وأن يقدّر قدسية الموقف، حين يتجرع أهل غزة الموت برضا، ويضعون أنفسهم في الخط الأول من المواجهة مع الصهيوني ومن وراءه، وهم كلّ العتاة والمجرمين والخونة والمتخاذلين من العجم والعرب.

في غزة اليوم يبرُز الخير كلّه لمواجهة الشرّ كلِّه، هذا الشرّ الذي تقاطر زعماؤه وأركانه وتدَاعَوا للرحلة إلى الكيان، حاملين أسلحتهم وذخائرهم المدمّرة، لكي يزرعوا شيئاً من الطمأنينة في قلوب الصهاينة المجرمين، التي ارتاعت من هول المقاومة.

جاؤوا ومن ورائهم بوارجهم ولم يتورعوا عن القيام بكل الحركات الاستعراضية الرخيصة لكي يفهمونا أنهم قد أعلنوا الحرب علينا، كما فعل رئيس الوزراء البريطاني، عندما قدم إلى الأرض المحتلة بطائرة شحن عسكرية، ونزل منها عبر الباب الخلفي من بين صناديق الأسلحة والعتاد.

فلتكن مطمئناً إلى تحقيق ما أردتَ تحقيقه. نعم، كلنا يعترف لك بما تريد، وأنّك شريك كامل للصهيوني في حربه علينا، ولست داعماً من بعيد فقط، وأنّ لك حصة كبيرة من دماء أطفالنا وشبابنا، وأنّك ومن تمثّل ركنٌ أساسي في الجبهة التي تقاتلنا وتقتل أبناءنا.

وليطمئن معك كل عاتٍ وظالم، وكل مجرم وسفّاك، وكل خسيس لا زال يداهن العدو ويرضى بذل التطبيع.

وهنيئاً لكم يا أهل غزة وأبطالها، وتثبيتاً من الله لكم ونصراً مؤزراً، وحفظاً لأرواحكم وأطفالكم وبيوتكم.

هنيئاً لكم أنّكم اليوم المعيار والفيصل الذي يميز العالم إلى أشرار وأخيار، فمن كان معكم فهو الفائز وهو من الأبرار… ولكم علينا عهد المؤازرة والدعاء:

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَحَصِّنْ ثُغُورَ غَزَّةَ بِعِزَّتِكَ، وَأَيِّدْ حُمَاتَهَا بِقُوَّتِكَ، وَأَسْبغَ عَطَايَاهُمْ مِنْ جِدَتِكَ. اللَّهُمَّ وَكَثِّرْ عِدَّتَهُمْ، وَاشْحَذْ أَسْلِحَتَهُمْ، وَاحْرُسْ حَوْزَتَهُمْ، وَامْنَعْ حَوْمَتَهُمْ، وَأَلِّفْ جَمْعَهُمْ، وَدَبِّرْ أَمْرَهُمْ، وَاعْضُدْهُمْ بِالنَّصْرِ، وَأَعْنِهُمْ بِالصَّبْرِ، وَالْطُفْ لَهُمْ فِي الْمَكْرِ. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَعَرِّفْهُمْ مَا يَجْهَلُونَ، وَعَلِّمْهُمْ مَا لاَ يَعْلَمُونَ، وَبَصِّرْهُمْ مَا لاَ يُبْصِرُونَ، حَتَّى لاَ يَهُمَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِالأدْبَارِ، وَلا يُحَدِّثَ نَفْسَهُ عَنْ قِرْنِهِ بِفِرَار. اللَّهُمَّ افْلُلْ بِذَلِـكَ عَدُوَّهُمْ، وَاقْلِمْ عَنْهُمْ أَظْفَارَهُمْ، وَفَرِّقْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَسْلِحَتِهِمْ، وَاخْلَعْ وَثَائِقَ أَفْئِدَتِهِمْ، وَحَيِّرْهُمْ فِي سُبُلِهِمْ، وَاقْـطَعْ عَنْهُمُ الْمَدَدَ وَانْقُصْ مِنْهُمُ الْعَدَدَ، وَامْلاْ أَفْئِدَتَهُمُ الرُّعْبَ، وَشَرِّدْ بهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ، وَنَكِّلْ بِهِمْ مَنْ وَرَاءَهُمْ، وَاقْـطَعْ بِخِزْيِهِمْ أَطْمَـاعَ مَنْ بَعْدَهُمْ.

اللهم أَخْلِ قُلُوبَهُمْ مِنَ الأَمَنَـةِ وَأَبْدَانَهُمْ مِنَ الْقُوَّةِ وَأَذْهِلْ قُلُوبَهُمْ عَنِ الاحْتِيَالِ وَأَوْهِنْ أَرْكَانَهُمْ عَنْ مُنَازَلَةِ الرِّجَالِ، وَجَبِّنْهُمْ عَنْ مُقَارَعَةِ الأَبْطَالِ، وَابْعَثْ عَلَيْهِمْ جُنْداً مِنْ مَلاَئِكَتِكَ بِبَأس مِنْ بَأْسِكَ كَفِعْلِكَ يَوْمَ بَدْر تَقْطَعُ بِهِ دَابِرَهُمْ وَتَحْصُدُ بِهِ شَوْكَتَهُمْ، وَتُفَرِّقُ بهِ عَدَدَهُمْ.

اللَّهُمَّ صَـلِّ عَلَى مُحَمَّد عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَآلِ مُحَمَّد صَلاَةً عَالِيَةً عَلَى الصَّلَوَاتِ مُشْرِفَةً فَوْقَ التَّحِيَّاتِ، صَلاَةً لاَ يَنْتَهِي أَمَدُهَا وَلا يَنْقَطِعُ عَدَدُهَا كَأَتَمِّ مَـا مَضَى مِنْ صَلَوَاتِكَ عَلَى أَحَد مِنْ أَوْلِيـائِكَ، إنَّـكَ الْمَنَّانُ الْحَمِيدُ الْمُبْدِئُ الْمُعِيدُ الفَعَّالُ لِمَا تُرِيْدُ.

بقلم الشيخ محمد أديب ياسرجي
أمين سر الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى