مقالات

من أجل التطبيع دمروا اليمن

اليمن بلادٌ بها نيطت على العرب تمائمهم، وبها فجروا الينابيع فأرووا السهول زلالاً، وذللوا الخيول، وروضوا البهائم التي تحمل الأثقال، ودجنوا تلك التي منها يطعمون الجياع ومن أصوافها يكسون العاراة، زرعوا الأرض ونحتوا الهضاب وشيدوا الدور والقصور، فغمرت بلاد أحفاد إسماعيل (عليه السلام) الجرداء مياه سدود مأرب واستمتعوا بثمار جنانها، وأسسوا فيها ملك معينٍ وتبع، شاركهم بنوا عمهم إسحاق عليه السلام الأرض، فشيد نبي الله سليمان ملكا لا ينبغي لأحد من بعده هناك، كما تقول مخفيات السردية التوريتية التي أبدلت بأكاذيب اليهود حول فلسطين، والتي تفنن اسلافنا المسلمون في ترسيخها في مروياتهم الإسلامية.

كشف الغطاء عن ذلك الزيف الدكتور فاضل الربيعي، في كتبه العديدة المعتمدة في الأساس على النص التوراتي القديم باللسان العبري، مسبوقا بالأستاذ كمال صليبا الذي يقول عما احدث عمله في الأوساط الصهيونية ” وفي أميركا والغرب عموما، العلماء التوراتيون المسيحيون ما زالوا ساخطين عليّ منذ أن قمت بنشر أول كتاب لي في علم التوراة، ومنهم من سخط إلى درجة شتمي، لأن ما قمت به فيه إسقاط لنظرية عمرها ٢١٠ سنوات تفيد أن فلسطين هي أرض التوراة، وقد أنفقت مؤسساتهم المبالغ الهائلة لنبش أرض فلسطين دون أن يعثروا على شيء لا هناك, ولا في سوريا, ولا في العراق أو لبنان أو الأردن”.

في السرديات التوراتية لم تطأ أرض فلسطين حافر بغلة يهودي قط، بل كانوا وبنو عمومتهم العرب أحفاد إسماعيل يعمرون اليمن مذ نشؤا ، كما لم يكن إبراهيم بابليا ولا شاميا، وإنما يمانيا.
بعد أن يأس يهود الخزر ومنحرفي أوروبا من الحصول على ميسم يثبتون به للعالم أن مُلكاً كبيرا كان لهم بفلسطين، وبعد التطور البشري الهائل في مجال كشف مجاهيل تراميز اللغات البائدة والمعتقدات التي كانت سائدة، واستُنطق كل حجر لامسته يد انسان، تأكد الصهائنه على ما يبدو ان المستقبل القريب في ظل تزحزح الثقل المعرفي شرقاً، -حيث حضارات تلاقت مع يمن ما قبل التاريخ – سيكشف كل الأباطيل المرسَخةَ عنهم بجبروت معارف الرجل الأبيض. بقيت الآثار في اليمن صامتة شامخة، كشفها سيكون مسمار نعش كذبة أرض الميعاد، التي دمرت كل آثار فلسطين للوصول إلى حصاة تثبتها، ولآن دمر اليمن حتى لا يبقى أي اثر ينفيها.
في المرويات الإسلامية يقال إن حاكما حبشيا احتل اليمن، فاستنجد أميرها – في السرديات التاريخية يدعى سيف بن ذي يزن – ببيزنطة الصليبية، فردته منكسر الخاطر، فيمم وجه شطر فارس المجوسية، فانتصر عبدة النار لعبدة الحجارة، وهزموا عبدة الصليب، جاء الإسلام فغزى “بداة ” العرب العالم القديم، وأسسوا أول امبراطورية لهم، فكان أبناء فارس بناة ثقافتها المادية والفكرية، وانخرطوا فيها ورفعوها عاليا، واصبحوا أكثر الشعوب التي غزاها العرب تمازجا معهم رغم الفارق الحضاري الكبير بينهم.
جاءت ثورة النفط حاملة خراب ودمار العرب، رافعة إلى الصدارة والملك والجاه أُسراً، من أعاريب بكر وتميم وفزارة ، وأشجع وقيس، حيث كانت إلى وقت قريب تحترف قطع السبيل وترهيب الحاج.

فاستأسدوا على الأمة، وأُمروا بأن يدمروا اليمن كشرط لقبولهم في المشروع الجديد الذي يخطط له، والذي سيكونون وقوده لاحقاً، بعد كل ما انفقوا من أموالهم ، وما أزهقوا من أرواح بريئة في كل اوطان العرب من أجل التمكين له، عما قريب ستكون الدائرة عليهم، وستشتعل بلدانهم، فلأن كان بن زايد نجح حتى الآن في ترك أخيه جثة دون دفن، وبخبثٍ يوصف ب”نائب الحاكم” كنوع من الوفاء، فإن بن سلمان كان أكثر وقاحة، في تصفية إخوة أبيه وأبنائهم، وعما قريب سيعلن موت أبيه وسينصب، عندها ستبدأ مرحلة الاعتراف بأن “يثرب” بناها اليهود وليس اليمنيون، وأن لهم الحق في سكنها، وتملك دورها، بل لهم الحق في مقبرتها، “بقيع الغرقد”، فينبشونها بحثا عن جثامين اسلافهم، وسيبنون العمارات فوق جسد الطاهرة الزهراء والحسن السبط، حتى لا يبقى للشيعة مزارات فيها ، وحتى ينهوا “أطماع الفرس ؟”
فليهنأ المطبوعون الواهمون وإن غداً لناظره لقريب.

سيدي محمد بن جعفر
باحث في الشؤون السياسية وإعلامي موريتاني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى