التَّطبيعُ والاستسْلامُ خيَانةٌ وجَريمةٌ دينيّاً ووَطنيّاً وإنسَانيّاً
التَّطبيعُ والاستسْلامُ خيَانةٌ وجَريمةٌ، دينيّاً ووَطنيّاً وإنسَانيّاً
إعلانٌ صادر عن الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين، الذي يضمّ مئات الشخصيات العلمية والدينية، من معظم دول العالم، ومن كافة المذاهب الإسلامية؛ الذين يتابعون تطورات الأحداث المتصلة بقضيتنا المركزية الجامعة، قضية فلسطين، وخاصةً منها ملف ما يسمّى “التطبيع”، وبعد الاطّلاع على الإعلان عمّا سُمّي زوراً باسم “اتفاقية السَّلام” بين دولة الإمارات والكيان الصهيوني الغاصب.
وانطلاقاً من مسؤولية العلماء الدينية والأخلاقية والوطنية، أمام الله سبحانه وتعالى، وأمام الشعوب المتطلّعة إلى العدالة والكرامة، وبناءً على:
1- أنَّ حلّ أيّ مشكلة لا يمكن أن يتمَّ إلا بعد تعريفها تعريفاً صحيحاً، وأنّ أصل المشكلة وسببَ الشرور في فلسطين هو اختلاق الكيان الاستيطانيّ الإحلاليّ “إسرائيل”، على حساب تهجير شعبٍ كامل من أرضه، وانتزاعِ حقّه في تقرير مصيره.
2- وأنَّ ديننا الإسلامي الحنيف، وجميع الشرائع السماوية والمبادئ العادلة، تكفل للإنسان الحقَّ في الدفاع عن هويّته ووطنه وكرامته.
3- ونظراً لإصرار “إسرائيل” على مواصلة سياساتها العنصرية، وعلى فرض إرادتها بمنطق القوة والإرهاب.
4- ولأنَّ السَّلام، الذي هو هدفٌ إيماني، لا يمكن أن ينتشر دون إحقاق الحقِّ وإقامة العدل ومحاسبة المعتدي والمجرم.
5- ولأنَّ “التطبيع” واتفاقيات الاستسلام الجوفاء هي مُمَالأةٌ للغاصب والظالم، وخذلانٌ للحقّ، وتغييرٌ للحقائق والوقائع، وتساهم في تشويه الحقائق التاريخية، وإضفاء الشَّرعية على الباطل والمعتدي.
6- واستناداً إلى قواعد الشرع الحكيم، ومفهوم القرآن الكريم ومنطوقه، الذي خاطب المؤمنين فقال:
“أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ. وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيرًا، وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ، إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ”. الحج:39-40.
وقال أيضاً: “لَّا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ؛ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ؛ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ”. الممتحنة:8-9.
ونظراً لضرورة بيان الموقف الشرعي ممّا يجري، بوضوح ومسؤولية وموضوعية، وكشف زيف التبريرات الخادعة التي يقدمّها المطبّعون والمستسلمون، فإنّ أعضاء الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين، يعلنون ما يلي:
1- إنّ التطبيع مع الكيان الصهيوني، بكافة أشكاله الثقافية والفنية والرياضية والاقتصادية والسياسية وغيرها، هو عملٌ إجراميٌّ يتماهى مع الإجرام الصهيوني، وبالتالي فإنّه خيانةٌ وطنيةٌ، ورذيلةٌ بالمقاييس الدينية، ويحرُم على المؤمنين الدخول في أيّ نشاط أو فعالية تطبيعية، مهما كانت الأسباب؛ وهذا ما ينطبق من بابٍ أولى على ما يسمّى اتفاقيات السَّلام مع المحتل الغاصب، السابقة منها واللاحقة.
2- إنّ مقاومةَ التطبيع، وكشفَ زيف اتفاقيات الخنوع والاستسلام، والوقوفَ في وجه المدّ الصهيوني، هي أعمالٌ صالحة مبرورةٌ، بل هي فرضُ عين على كلّ مستطيع، لأنها تصبُّ في خدمة مبادئ العدل والخير والسّلام الحقيقي، وهي جزء من فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإحقاق الحقّ وتغيير الباطل.
3- إنَّ دعم صمود الشعب الفلسطيني، مادّياً ومعنوياً، والعمل على عودة من هُجِّر منهم إلى أرضه، وفكّ الحصار عن المحاصرين منهم، هو واجبٌ دينيٌّ ووطنيٌّ وإنسانيّ.
4- إنَّ الالتزام ببيان ما سبق من على المنابر الدينية، هو جزء من واجبات العلماء، بما يُسهم في إقامة العدل ونشر الحقائق والوعي فيما بين الناس.
وفي الختام نخاطب أبناء الشعب الفلسطيني العزيز، الصابر والمقاوم، قائلين:
إنَّ كلَّ ما يجري لن يزيدكم ويزيدنا إلا تمسّكاً بالحقّ الذي يتجلّى في قضية فلسطين، وثقةً بانتصار المظلومين، ويقيناً بالفوز الذي وعدَ اللهُ عبادَه المؤمنين، في محكم كتابه المبين:
“فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُوا نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ؛ فَعَسَى اللهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ * وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ‘ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ، ذَٰلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ، وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ”. المائدة:52-54.
والحمد لله ربّ العالمين