لماذا “مسلمون ومسيحيون في مواجهة التطبيع” ؟
قد يتساءل بعضهم عن الحكمة من تقديم هذا العنوان “مسلمون ومسيحيون في مواجهة التطبيع” في هذه المرحلة من معركة تحرير فلسطين من رجس الصهيونية المعتدية، وهذه بعض الأفكار في الإجابة عن هذا السؤال.
1- يحاول الاحتلال الصهيوني، وحلفاؤه والمتعاونون معه استغلال المفاهيم والقضايا الدينية، لترويج التطبيع، وتجميل هدفه القبيح الذي لا يعني إلا تنازل الفلسطينيين عن حقوقهم المشروعة لصالح المعتدي الغاشم.
و “مسلمون ومسيحيون في مواجهة التطبيع” عنوان يفيد أن الدِّين يقوم على العدل والإنصاف وإعطاء كلِّ ذي حقّ حقَّه، وما لم يكنْ هناك قسطٌ فإنَّ الحديث عن التعاون والسلام والتسامح هو خدعةٌ لتمكين الظالم وأكل حقوق الناس.
2- يلعب الاحتلال دوراً رئيسياً في نشر الفتن وزعزعة الاستقرار ونشر النزاعات القائمة على ذرائع طائفية بين شعوب المنطقة، ليكون ذلك سبباً في إضعافهم، ولجوء المغرضين للاستقواء بدولة الاحتلال على إخوانهم في بعض دول الجوار، كما كان يحدث أيام الاحتلال الصليبي، الذي كان يدعم أمراء الممالك على بعضهم خدمةً لمصالحه.
يحمل “مسلمون ومسيحيون في مواجهة التطبيع” رسالة واضحة بأنَّ هذه الأرض التي انبعثت منها رسالات الأنبياء الكرام ستبقى موئلاً للاطمئنان، والحياة الآمنة ما بين الناس، على تنوع أديانهم وأعراقهم وثقافاتهم، وأنَّ الاحتلال هو الشرّ الذي ينبغي على الجميع أن يتوحدوا في مواجهته.
3- يسعى الاحتلال إلى إفراغ قضية فلسطين من محتواها الأخلاقي والقِيَمي، وتحويلها إلى نزاع يحتمل كل وجهات النظر، حول الحدود السياسية والمصالح الاقتصادية، وإغفال قضايا الحقّ والعدل في الصراع.
يؤكد “مسلمون ومسيحيون في مواجهة التطبيع” أنَّ رفض الفلسطينيين وجميع الأحرار للاحتلال هو رفض قائم على حقيقة أنَّ هذا الاحتلال هو عدوان لا يملك أي ذرة من الشرعية، وأنَّ القضية لا تقوم على تباين في الآراء بين أشخاص طبيعيين، في مسائل تحتمل المصالحة أو أنصاف الحلول، بل هي قضية حق أو باطل وعدل أو ظلم وحرية أو عبودية.
4- يحرص الاحتلال على تصوير القضية بأنها نزاع ما بينه وبين فئة قليلة محدودة من الناس، هم الفلسطينيون، أو حتى بعض الفلسطينيين وليس جميعهم، وأنَّه لا معنى ولا موجب لتدخّل العرب ولا المسلمين ولا غيرهم ولا أيّ جهة أخرى في العالم في هذا النزاع، وهو يرمي من وراء ذلك إلى أن يستفرد بأصحاب الحق والأرض، وأن يفرض – بسطوته العسكرية وقوته العدوانية – الحلَّ الذي يريده لهذه القضية، دون مراعاة لأي قانون عادل ولا لشريعة مُعتَبرة.
“مسلمون ومسيحيون في مواجهة التطبيع” عنوان يدلّ على عالمية القضية، وعلى أنها مسألة عامَّة الأثر، وعابرة للحدود القومية والعناوين الدينية، وأنَّه ما لم يسعَ العالم إلى تأييد حلّ منصف لها، يراعي مبادئ الحقّ والعدل التي أقرّتها الشرائع السماوية ونادت بها القوانين البشرية، فإنَّ مستقبل البشرية كلها في خطر، وأنَّ أمن الإنسانية مهدَّد، وأنَّ السلام وهْمٌ وادعاء.
5- يمثل “التطبيع” الهدف الأساسي للاحتلال الصهيوني في هذه المرحلة، باعتباره مدخلاً لفرض دولته الباطلة كدولة طبيعية بين أمم الأرض، والالتفاف على الشعب الفلسطيني من خلال تحقيق السلام على جبهات بعيدة لم تشهد أصلاً أي قتال عليها.
“مسلمون ومسيحيون في مواجهة التطبيع” هو إعلان صريح بأنَّ التطبيع باطل، وأنَّه خيانة لحقيقة الإيمان وأركان الأديان ومبادئ الإحسان بين الناس، وأنَّ التمسك بالحقّ منهجٌ لكل المؤمنين، مهما بلغت التحديات والصعوبات، وأنّ اليقين كاملٌ بوعد الله بنصرة المظلومين، وأنّ فلسطين لأهلها وليست للمعتدين الغاصبين.