لماذا 2021 عام مواجهة التطبيع ؟
قالوا في أدبيات الحروب: “لايمكن أن يتحقق الانتصار مالم يعترف الآخر بالهزيمة”.
لم تعد تكفي كل عبارات الشجب والإنكار والإدانة، في ظل ما نرى من أحداث متسارعة صادرة عن بعض الزعامات العربية والإسلامية من هرولة وانبطاح بين أقدام الكيان الصهيوني، تحت عدّة مبررات موهومة، يجعل منها الزعيم والمثقف ورجل الدين ذريعة دفعته إلى تلك الخطوة التي يظنها أنها إلى الأمام ولكنها في العمق الحقيقي، والعمل السياسي الجاد هي خطوة إلى الوراء، خطوة للتنازل عن الحق والتاريخ والعقيدة، وكل ما سوف يجنيه هؤلاء المطبعين، هو وهم البقاء على كرسي الحكم، أو انفراج وهمي في الاقتصاد، أو رفع اسمه أو اسم بلاده عن قائمة عارٍ وضعها أصلاً المستعمر المستكبر مدعي الحرية والحضارة.
على هؤلاء أن يرجعوا لقراءة التاريخ بدقة، القديم منه والحديث، ليستنطقوا مابين سطوره من فهم ووعي لحركة التاريخ، ولأدوات مواجهة الأزمات التي تستهدف وجودهم، وماهي الحكمة التي أخرجت غيرهم من الأزمة، وما هو التصرف الخطأ الذي وقع فيه الموهومون من أجل البقاء، لنقرأ سقوط ملوك الطوائف وأسبابه، ولنقرأ سقوط غرناطة، ثم لنرصد بعدها، هل أبقى ذلك التنازل والرهان على أعداء الأمة هل أبقى الحكم لأصحابه ؟ أم هل أبقى البلاد حرة وذات سيادة ؟ أم هل حافظ على الأرواح والاقتصاد والدين ؟!
يُدرك الكيان الصهيوني بدقة هذا التاريخ، ويعلم علم اليقين، أن حركة التطبيع مع الأنظمة ما هي إلا وسيلة للوصول إلى التطبيع مع الشعوب ولكنه يُراهن على أنظمة الاستبداد لتقوم بقهر شعوبها وكسر كرامتها ليتسنى لهم بعد ذلك التغلغل داخل المجتمعات تحت عدة عناوين براقة من مثل الحرية والكرامة والتقدم والرفاه الاقتصادي، ويعلم الكيان كذلك بأن انصياع الحكام لايعني أبدًا انصياع الشعوب، فهو المدرك الحقيقي للفجوة بين الشعوب وقادتها، ولكنه كما قلت يُراهن على الآلة القمعية التي تمتلكها الدكتاتوريات، والتي يمكن أن تكون بوابة وثغرة للدخول إلى الساحات الفكرية والسياسية والثقافية الشعبية.
من بعض القضايا التي تسرّبت عن اجتماع سفير الكيان الغاصب لدى مصر، وخلال اجتماعه مع شخصيات سياسية ذات شأن كبير في مصر، والمعنية بملف اتفاقية السلام مع الكيان الصهيوني قال هذا السفير موجها كلامه لكل الحاضرين: “لايمكننا البقاء على هذا القدر من التطبيع بين البلدين، نحن لا نُريد أن يبقى التطبيع وعملية السلام على المستوى الرسمي وبعض المثقفين، نحن نُريد أن يُصبح التطبيع على المستوى الشعبي ! من أجل ضمان النتائج المرجوة من عملية السلام، والتعايش الطبيعي بين الشعبين الإسرائيلي والمصري”.
من هنا نُدرك أهمية إطلاق عنوان كبير وهام وهو “عام 2021 عام مقاومة التطبيع” ورفضه على المستوى شعوب المنطقة خاصة، وعلى مستوى أحرار العالم والشعوب المؤمن ة بحرية وكرامة الإنسان، ليصبح الحق والدفاع عنه شعارً إنسانيًا، ولأننا نؤمن بأن قضية فلسطين هي قضية العدالة العالمية والإنسانية كلها، وأن العالم بأسره يقف اليوم أمام امتحان إنسانيته من خلال هذه القضية العادلة بامتياز.
الشيخ الدكتور عبد الله كتمتو
منسق الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين