مقالات

الكيان الصهيوني: الفاشية أولًا

أسفرت الانتخابات الصهيونية الأخيرة، وهي الخامسة خلال عامين فقط، عن إعادة الإرهابي نتنياهو إلى صدارة الكنيست الصهيوني، وبالتالي سيكون الأوفر حظاً لتشكيل الحكومة الجديدة.

وإذا كانت التحليلات تركّز على صعود اليمين الصهيوني المتطرف في هذه الانتخابات، فلابدّ من التأكيد على بعض النقاط التي يجب ألا تغيب عن بالنا عند التأمل في المشهد السياسي الصهيوني.

1- الصهيونية تنظيم سياسي عنصري، قام بالتحالف مع الدول الكبرى منذ القرن التاسع عشر وتبادل الخدمات والمصالح معهم حتى استطاعوا إعلان قيام دولتهم الغاصبة عام 1948؛ ولا تزال هذه الدولة مستمرة في الوجود بفضل الدعم غير المحدود، سياسياً ومالياً وعسكرياً وإعلامياً، من هذه الدول نفسها.

وبالتالي فإن كل صهيوني هو محتل وغاصب ومحارب للشعب الفلسطيني ولجميع أبناء الأمة الإسلامية والعربية، وشريك في كل جريمة وقعت على هذا الشعب ولا تزال تقع يومياً حتى الآن.

2- لا فرق بين صهيوني يقتلنا أمام الكاميرا، وبين صهيوني يقتلنا في الخفاء؛ ولا بين من يقتلنا عبر تسميم الأراضي والآبار، كما يفعل المستوطنون بدعم من حكومة الكيان، التي تدأب يومياً على قتل شعبنا بالقصف أو الاغتيال على الحواجز أو الحصار أو غيرها من الأساليب.

بناء عليه، لا داعي للتخوف أو التشاؤم من انتخاب نتنياهو، أو توهّم شيء جيد من انتخاب غيره، وهاهي تصريحات الكل، فضلاً عن أفعالهم، تؤكد أنهم قد يختلفون في كل شيء إلا في عدائهم وإجرامهم بحقنا.

3- ساهمت كل الحكومات والأحزاب الصهيونية في دفع المجتمع الصهيوني نحو المزيد من التطرف والعنف بحقّ الشعب الفلسطيني، ولم تكن “اليسارية الإسرائيلية” إلا غلافاً مؤقتاً يغطي مسلّمات لا يمكن للصهيوني أن يكون صهيونياً بدونها، ومن أهمها عدم السماح بأي حرية حقيقية أو استقلال فعلي للشعب الفلسطيني؛ وها هو اليسار الصهيوني قد ذاب فعلياً في الفاشية، ولم نعد نسمع ولا أي موقف معارض للسياسات الحكومية؛ وإنما هو التسابق والتنافس في التطرف والعداء للفلسطينيين.

4- السيطرة على المسجد الأقصى، وهدمُه وبناء الهيكل المزعوم مكانه، هدفٌ يشترك في السعي إليه كل من يؤمن بهذا الكيان الغاصب الإحلالي المسمَّى “إسرائيل”، وهؤلاء الذين يقتحمون المسجد الأقصى بشكل شبه يومي، ليسوا هم المتطرفين في “المجتمع الصهيوني”، بل هم عيّنة تمثّل كل هذا التجمع الحافل بالتناقضات، وإذا شئنا أن نطلق صفة التطرّف فهي صفة كل صهيوني، لأنّ الصهيونية هي بذاتها تطرف وانحياز عن كل القيم الصحيحة.

هذا المجتمع – إن صحّت تسميته مجتمعاً – يتفق جميع أفراده، رغم تناقضاتهم الرهيبة كما يقال، على أنّه “لا إسرائيل بدون الهيكل”، ولا فرق إن أثبتت الحفريات وجوده التاريخي، وهو ما لم يحصل ابداً، أو إن لم تثبت ذلك، لأن القوة بزعمهم هي التي تنفي أو تثبت؛ وهذا ما ينطبق على وجود هذا الكيان بذاته، لأنهم يعملون كما يعلم كل الناس، أنَّ هذا الكيان لم يوجد بموجب الحقّ أو القانون، ولكن بموجب القوة الفاشية الفاحشة والفاجرة.

5- الانشغال الأساسي للفلسطينيين يجب أن يتركز على المشهد الفلسطيني، وعلى إعادة بناء الجبهة الداخلية، والدفع بها نحو التماسك والتعاون، واحتضان المقاومة وحمايتها، باعتبارها السبيل المنطقي والعملي الوحيد لتحرير الأرض والمقدسات، والحفاظ على الكرامة، وتحقيق عودة الشعب الفلسطيني إلى أرضه وبلاده، بل والمحافظة على من بقي من هذا الشعب داخل فلسطين، ومنع الكيان الصهيوني من إبادتهم أو تهجيرهم.

وعندما يلتفت الشعب الفلسطيني إلى نفسه، فلن يضرَّه أحد بإذن الله، وكل المؤشرات أن هذا التحول الإيجابي قادم، وهو قادم بيد الجماهير لا بيد “القادة”، والله أعلم.

بقلم محمد أديب ياسرجي
أمين سر الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى