مقالات

لا أخلاق لهم

لم تكن غريبةً تصريحاتُ عضو الكونغرس الأميركي راندي فاين التي دعا فيها قبل أيام لقصف قطاع غزة بالسلاح النووي، وليست هي المرة الأولى التي يدعو فيها سياسيون من الكيان الغاصب وآخرون أمريكيون لاستخدام أسلحة الدمار الشامل ضد الفلسطينيين، ولكن هذه الدعوات الهمجية تصاعدت بقوة منذ طوفان الأقصى.

ومن هؤلاء المجرمين الذين صرحوا بهذه الأفكار علانية وزير التراث اليهودي في حكومة العدو، والنائبة في الكنيست تالي غوتليف، والنائب الأمريكي تيم والبيرغ، وأشهرهم السيناتور ليندزي غراهام. كما دعا نائب رئيس الكنيست منذ أسبوع مضى لحرق غزة عن آخرها بمن فيها.

ولئن لم نستغرب هذه الدعوات فلأنها تنسجم مع واقع الحال الذي نراه في غزة، فما يجري هناك حربُ إبادة همجية لا نظير لها.

وسواء أكانت صحيحة أم غير دقيقة التقاريرُ عن استخدام اليورانيوم في الأسلحة التي ألقيت على غزة ولبنان في هذه الحرب، فإن النتيجة واحدة، حيث تؤكد المعادلات أنّ القوة التدميرية التي استخدمت ضد غزة خلال 10 أشهر فقط، وهي المدة التي تغطي النصف الأول من الحرب فقط، قد تجاوزت 82 ألف طن من المتفجرات، أي أكثر من 5 أضعاف قنبلة هيروشيما وناغازاكي.

وقد أسفرت هذه الهجمات الوحشية عن استشهاد أكثر من 55 ألف إنسان بريء خلال 600 من حرب الإبادة، بينهم أكثر من 28,000 امرأة وفتاة بمعدل يزيد على 47 شهيدة يومياً، وبنسبة تقارب 52% من مجمل الشهداء.

لكن الذي يلفت النظر أن تلك الدعوات الخطيرة – التي يسكت العالم عنها على الرغم من مخالفتها لكل الشرائع والقوانين الدولية – ذات أساس عميق في العقلية الصهيونية العنصرية، ويعمل الحاخامات المتطرفون على إذكاء الروح العدوانية بكل وسيلة ممكنة، كما فعل الحاخام يوشاع فليشر الذي استبشر خيراً بقتل الأطفال والمدنيين الفلسطينيين في غزه.

ولذلك كان طبيعياً ما نقلته صحيفة هآرتس عن لجنة الأخلاق في الكنيست، أنَّ دعوة نائب رئيس الكنيست لحرق غزة لا تخالف مبادئ أخلاق المهنة للأعضاء.

ولئن كانت هذه هي أخلاقهم فلا غرابة، ولكن الغريب أن نترك نحن أخلاقنا، وأن نستغني عن قيمنا ومبادئنا، بل وأن نهون وندعو إلى السلم مع من يستبيح دماءنا وأعراضنا وأموالنا، بعد أن احتل أرضنا وأخرجنا منها، وها هو يستهدف المسجد الأقصى ليحوله إلى رمز لدولته الصهيونية المجرمة، ويخرج المؤمنين منه، ويمنع الصلاة.

وإن مشاهد الاقتحامات التي جرت في الأيام الماضية تذكرنا بالكلمة المنسوبة لرئيسة وزراء الاحتلال غولدا مائير، عندما أحرقوا المسجد الأقصى، إذ نقلوا عنها قولها: (لم أنم تلك الليلة، واعتقدت أن إسرائيل ستُسحق، لكن عندما حلَّ الصباح أدركت أن العرب في سبات عميق).

يكتب أحد الباحثين: (لا تزال هذه العبارة الساخرة والسوداوية حاضرة بيننا، إذ لا يزال العرب في سبات عميق، وتحول بعضهم إلى سدنة للاحتلال وداعمين له في جميع جرائمه تحت ستار “التطبيع” الذي تحول إلى احتلال جديد لفلسطين).

ولعل تلك الكلمة لا تزال حاضرة بين الصهاينة أيضاً، إذ خرج عضو كنيست الاحتلال، المجرم “تسفي سوكوت” يوم أمس بخطاب ساخر من العرب صرَّح فيه: (قالوا بأن صلاة يهـودي واحد في الأقصى ستُشعل الشرق الأوسط.. واليوم، الآلاف من اليهـود صلّوا، ورقصوا، وغنّوا، ورفعوا الأعلام هناك، ولم يحدث شيء).

إنها نُذُرٌ لتطورات قادمة، لا نستبعد فيها أن تتحول مخاوفنا إلى وقائع، مالم تنهض هذه الأمة لتشدّ من عضُد المقاومين الشرفاء داخل فلسطين وخارجها، فهم وحدهم الذين يتعاملون مع المجرم بما يجب، ولولاهم لكنا في حال أسوأ من هذه الحال.

وصدق الله ربُّنا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾.

أمين سر الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى