بيانٌ حول زيارة بعض مدّعي العلم إلى الكيان الغاصب

الحمد لله ربّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على سيّدنا محمَّدٍ وآله الطيبين الطاهرين، ورضي الله عن أصحابه الغرّ الميامين، أما بعد:
فإنّ في القرآن الكريم غنىً وكفايةً لمن ابتغى الهداية، وقد قال الله تعالى في محكم تنزيله، وهو أصدق القائلين: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ﴾ الممتحنة: 1.
كما جاءت آيات كثيرة أخرى تُحذّر من موالاة أعداء الله والمعتدين على حقوق المؤمنين، وقد سمَّى الله تعالى لنا أوضح مصاديق العداء فقال: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ المائدة: 82.
وعليه، فإنّ أيّ تصرّف فيه ركون إلى الكيان الصهيوني الغاصب، من أيّ جهة صدر، ويُفضي إلى تطبيع العلاقة مع قتلة الأطفال والنساء، ومغتصبي الأرض والمقدسات، هو خيانة لله ورسوله والمؤمنين. ولا تُبرّر مثل هذه الجرائم بالنوايا المُضمرة، ولا تُغسَل بعبارات دبلوماسية منمّقة؛ فهي موبقات ظاهرة، لا لبس فيها ولا تأويل.
وإنّ ما أقدم عليه بعض مدّعي العلم من زيارةٍ إلى الكيان الصهيوني، ولقاءٍ بكبار مجرمي الحرب ومرتكبي الإبادة الجماعية في فلسطين، هو خزيٌ عظيم، وسقوط أخلاقي مدوٍ، يُدخلهم في صفّ الشركاء بسفك دماء الأبرياء. وقد ورد عن رسول الله (ص): “إذا عُمِلَتِ الخطيئةُ في الأرضِ، كانَ من شهِدَها فكرِهَها كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها، كان كمن شهِدها“. وأي خطيئة تُرتكب اليوم في الأرض أفظع مما يرتكبه الكيان الصهيوني في غزة والضفة؛ وأيُّ شهودٍ أشدُّ حجّيةً مما تنقله وسائل الإعلام على مدار الدقائق من تفاصيل حرب الإبادة الصهيونية الهمجية؛ وأي رضىً أوضحُ من هذه الزيارة والرقص والغناء بين يدي الرئيس الصهيوني، دون أن يقوم واحدٌ منهم بإلقاء نظرة عن قُربٍ على ما يجري في غزة.
إنّ الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين ، يُدين بأشدّ العبارات هذه الزيارة المخزية، ويدعو المؤسسات الدينية والمرجعيات العلمية إلى إعلان البراءة الواضحة من هؤلاء، وتحذير الأمة من شرّهم، وعدم الاغترار بمظهرهم، وقد قال تعالى: ﴿لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ ۞ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَٰكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ المائدة: 80-81.
كما ندعو العلماء الربانيين إلى العمل بشكل حازم وجاد لنصرة أهلنا في فلسطين، والسعي إلى كسر الحصار ووقف آلة القتل، قبل أن نُدرك الخسارة ولات حين مناص.
الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين
16المحرم 1447،11 تموز 2025