مقالات

الهجرة من أرض السمن والعسل.. لماذا ؟

من المعلوم أن الاستيطان هو حجر الزاوية في الفكر الصهيوني، وهو العامل الأقوى لاستمرار الاحتلال وبقاءه، وهو ما سعت الوكالة اليهودية منذ اليوم الأول لقيامها لتكريسه ودعمه والمحافظةِ على تنميته بشكل دوري، ويمكننا القول أن أي تهديد لهذا المبدأ، هو تهديد   وجودي للكيان كله، وهو المُنذر بزواله.

من هنا يمكننا معرفة حجم التكتّم على هذا الملف من قبل أجهزة الكيان الصهيوني كافة، وندرة المعلومات عنه، إلا ما يمكننا متابعته من خلال ما يتسرب من بعض مراكز الإحصاء المعنية بهذا الشأن، أو الندوات التي تتابع خطر ظاهرة الهجرة المعاكسة من الكيان إلى خارجه، لتضع الحلول لهذه المسئلة، بعد دراسة الأسباب الداعية لهذه الهجرة.

أشارت دائرة الإحصاء الصهيونية إلى “أن هروب الأدمغة من إسرائيل إلى الخارج متواصل منذ العام / 2003/ وقد ارتفع بنسبة 26% منذ العام /2013/، حيث رجّحت التوقعات الإحصائية والبحثية الإسرائيلية أن يتزايد التعداد السكاني لعرب فلسطين إلى درجة يجعل  اليهود أقل من 50% بحلول العام /2020/ وأرجعت هذه الجهات البحثية أسباب استمرار الهجرة المعاكسة إلى تأزم الأوضاع الأمنية، وتعاظم دور المقاومة في مواجهة الاحتلال، ما أوصل إلى حالة معيشة يفقد فيها الفرد الإسرائيلي الأمن النفسي والحياتي، وعدم الشعور بالانتماء إلى الأرض، وهذا يدفع هذا الفرد بالتفكير الجدي بمغادرة إسرائيل إلى أي جهة أخرى يجد فيها ما يفقده !

ووفق معطيات صادرة عن الدائرة المركزية للإحصاء الصهيوني، ففي العام /2015/ انتقل إلى خارج فلسطين المحتلة نحو من16.700/ إسرائيلي، غالبيتهم من الأكادميين بتخصصات متنوعة، وتبين أن نسبة الذين يُغادرون “إسرائيل” ــ فلسطين المحتلة ـــ اليوم /2/ من كل /1000/، في حين أن نسبة الذين يُهاجرون إلى “إسرائيل” تصل إلى /1/ من كل /1000/، ولقد أعدّ الخبير الاقتصادي والمحاضر في جامعة تل أبيب، البرفسور “دان بن دافيد” دراسة جاء فيها “أن 4.5 %من الأشخاص الذين يحملون  ألقاباً جامعية غادروا “إسرائيل”.

ووفقًا لصحيفة ” ذي ماركز” الأمريكية، فإن ظاهرة هجرة الأدمغة في إسرائيل آخذة في الاتساع، ولاسيما أن أولويات الحكومة الإسرائيلية، وخصوصًا حكومات بنيامين نتنياهو، لاتضع هذه الظاهرة في سلم أولوياتها.

وهذا ما يفسر لنا الحراك الذي تسعى إليه الحركة الصهيونية، والوكالة اليهودية، الراميتين إلى وضع خطط لجذب حوالي /300/ ألف يهودي من الأرجنتين والهند وجنوب إفريقيا وإثيوبيا لتوطينهم في فلسطين التاريخية.

في الختام.. الأمر يحتاج إلى مزيدٍ من الاهتمام والمتابعة لهذا الملف الدقيق والهام، والعمل على توثيقه وجدولته سنويًا، ليمكننا بعد ذلك الاستفادة من إدارة الحرب مع هذا الاحتلال، سواء في الحرب النفسية، أو الإعلامية، أو من حيث استهداف رموز الاحتلال.

إنّهم تجمّع هشّ، ولكن ينقصنا أن نُدرك ذلك يقينًا وليس مجرّد ثقافة، عند ذلك تأتي بشائر النصر.

الشيخ الدكتور عبد الله كتمتو
منسّق الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى