مقالات

ازرع فلسطين تُنبتْ حرية

عدَّة خطوط رئيسية تكوّن ملامح المشهد الفلسطيني اليومي، وترسم مسار القضية المتجهة بإذن الله نحو تحقيق الشعب الفلسطيني لأهدافه في التحرير والعودة واستعادة الحقوق، وإنْ بَدَت القوة بيد طرف دون الطرف الآخر.

على الطرف الأول نجد خطوطًا متعانقة تتشابك معًا ضدَّ الفلسطيني وضد حقوقه وحياته؛ أولها ومحورها الاحتلال الصهيوني ببطشه وجبروته الذي يزداد في كل يوم عسفًا وظلمًا وسفكًا للدماء وتدميرًا للعمران الفلسطيني واستباحة للأرض وما عليها، وها هو رئيس وزراء العدو يؤكد استمراره في مشروع ضمّ الضفّة دون انتظار موافقة الرئيس الأمريكي الجديد، التي هي تحصيل حاصل في رأينا، فجميع الإدارات الأمريكية شكّلت الخط الداعم الأساسي لأصل وجود دولة الاحتلال الباطلة، ثم لضمان تفوقها العسكري على الفلسطينيين وكل المحيط من حولها.

وها هي أنظمة التطبيع تنتقل اليوم لتشكل خطًا يكاد يسبق الخط الأمريكي في دعم الاحتلال ضد إخوانهم في الدين والدم وشركاء التاريخ والمستقبل، ونحن نتابع في كل عدد جديد من النشرة رصد الإجراءات التطبيعية التي تشهد تنافساً محموماً وأعمى بين المطبعين، بشكل يثير دهشة المحللين الصهاينة أنفسهم !

على الطرف الآخر نجد الخط الفلسطيني الصلب الصامد الذي يقف في وجه الصهيوني والأمريكي والمطبّع العربي، ويتحمل أعباء بطش الاحتلال وتخاذل الأشقاء وتواطؤ المنظمات الدولية والحقوقية مع المجرم المعتدي.

إنَّ التضحيات التي يقدمها الفلسطينيون على كل الجبهات تظهر حجم الحرب الدولية الهائلة التي تُشنُّ ضدهم، وهي تضحيات متنوعة نراها في صورة أسرى ومعتقلين من كل الفئات، بمن فيهم الأمهات والأطفال.

كما نراها في الدماء الزكية للشهداء الأبرار الذين يقتلهم الاحتلال دون أي خشية من المساءلة القانونية، كما في واقعة اغتيال الشهيد الشيخ عاطف حنايشة منذ أيام برصاصة في الرأس !

ناهيك عن معاناة الفلسطينيين في مخيمات اللجوء في داخل الأرض المحتلة وخارجها، وانعدام أبسط الشروط الضرورية للحياة الإنسانية الآمنة، تلك المعاناة التي تزداد مع الحصار المضروب عليهم من كل الجهات، إضافة لتهديدات العدوى وانتشار وباء كورونا.

هذا الخطّ الفلسطيني الواضح يشكل شريان حياة القضية الفلسطينية، وضمان استمرارها وبقائها رغم كل محاولات التصفية، وهو خط يستند إلى الحقّ الواضح الذي لا شكّ فيه، وإلى تمسك الفلسطينيين به وعدم تنازلهم عنه أبدًا، إضافة إلى الدعم الذي يبديه أحرار العالم والتضامن المخلص لهم مع فلسطين.

وتشكل المناسبات الفلسطينية مواعيدَ سنوية تتوقد معها روحية هذا التضامن، وتتجدد مظاهره بما يتناسب مع التحديات التي يواجهها الفلسطينيون، وها هي مناسبة يوم الأرض الفلسطيني تطلّ علينا في الثلاثين من شهر آذار الجاري، بما يمثله “يوم الأرض” من ذكرى عظيمة متجددة، شهدت عبر السنين الكثيرَ الكثير من الفعل الفلسطيني المقاوم، والأحداث العظيمة، وآخرها انطلاق مسيرات العودة الكبرى على حدود قطاع غزة.

ونظرًا لما تتعرض له الأرض الفلسطينية من أخطار جسيمة على يد الاحتلال، ومنها عمليات تجريف الحقول الزراعية، واقتلاع الأشجار المثمرة، ومصادرة الأراضي، وحرق الحقول الزراعية، وتسميم التربة الفلسطينية، وغيرها من الاعتداءات؛ فإنّ دعم صمود الفلاح الفلسطيني في أرضه يُشكل فعلًا مقاومًا وإضافةً هامة إلى مصادر قوة الكفاح الفلسطيني في وجه الاحتلال.

وهذا ما دعا الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين، بالتعاون مع العربية لحماية الطبيعة، إلى إطلاق حملة “معًا نزرع فلسطين” في ذكرى يوم الأرض لهذا العام، وهي حملة تنتظر مساندة الأحرار والمتضامنين، لكي تؤتي ثمارها المنشودة بإذن الله.

محمد أديب ياسرجي
أمين سر الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى