اليوم الدولي للتضامن.. حتى تحرير كل فلسطين
في نهاية عام 1977، اعتمدت الجمعية العامّة للأمم المتحدة، وبالأغلبية العظمى من أعضائها، القرار (32/40 ب)، الذي نصّ على الطلب من الأمين العامّ للمنظمة الدولية القيام بإنشاء وحدة خاصة داخل الأمم المتحدة تكون معنية بحقوق الشعب الفلسطيني، وأن تقوم هذه الوحدة بإعداد الدراسات التي تتناول هذه الحقوق غير القابلة للتصرف، باعتراف القرار.
كما نصّ القرار على (تنظيم احتفال سنوي بيوم 29 تشرين الثاني/نوفمبر من كلّ عام، باعتباره اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني).
المفارقة المثيرة في اختيار الأمم المتحدة ليوم 29/11 من كل عام للتضامن مع الشعب الفلسطيني أنّ ذلك اليوم، كما هو معروف، قد شهد في عام 1947 اعتماد الجمعية العامة لقرارها الشهير رقم (181) والقاضي بتقسيم فلسطين !
بناء عليه فإنَّ التضامن الحقيقي في رأينا لا يكون عبر التعاطف الكلامي أو الشكلي مع الضحية الذي وقعت الجريمة عليه، ولكن التضامن الفعلي يكون بإلغاء قرار التقسيم المشؤوم، ومعالجة نتائجه، والبدء أولاً بإيقاف المجرم الصهيوني عن متابعة ارتكاب المزيد من الجرائم بحقّ الشعب المظلوم، الذي قامت الأمم المتحدة بفرض قرار التقسيم عليه خلافاً لرغبته التي أكدتها كل لجان التحقيق التي أرسلتها المنظمة الدولية؛ ونجم عن هذا القرار – بمنح الصهيونية الإذن بإقامة دولتهم الغاصبة على أرض فلسطين – مجموعة كبيرة من الفظائع غير المسبوقة بحق الشعب الفلسطيني، منها التشريد المستمر حتى الآن، وقائمة طويلة من المجازر، والحصار الاقتصادي القاتل، وسجن ملايين الفلسطينيين خلال السنوات الماضية، ومصادرة الحقوق الأساسية المنصوص عليها في الشرائع الدولية، وأولها حق العودة وحق تقرير المصير، وكلها حقوق غير قابلة للتصرف بإقرار الأمم المتحدة نفسها.
إذن، إنّ كل تضامن لا يعني تحرير كامل الأرض هو تضامن مشكوك فيه؛ أو هو تضامن منقوص في أحسن الأحوال، لأنه يغطي أو ينسى أصل المشكلة، ويتشاغل بمعالجة الأعراض !
ورغم ذلك، يعمل المؤمنون بعدالة القضية الفلسطينية، وبحق العودة والتحرير، وبأن القدس… كلَّ القدس هي عاصمة كل فلسطين؛ يعملون على الاستفادة من هذه المناسبة السنوية للتذكير بالحقوق الأساسية التي يدافع عنها الفلسطينيون، وقدموا عبر عقود من السنين آلاف الأرواح من أجلها.
وفي هذا السياق ينبغي عدم الاستهانة بأي فعل أو قول يساهم في دعم هذه الحقوق، ومساندة الشعب الفلسطيني في سعيه للوصول إليها؛ وهنا يمكن أن يتخذ التضامن أشكالاً عديدة، تختلف باختلاف البلدان والثقافات والفرص المتاحة، ولكنها يجب أن تشترك جميعاً بالاستناد إلى رؤية واضحة، هي عدم الاعتراف بأي إجراء يحرم الشعب الفلسطيني من أي حقّ من حقوقه، والإصرار على تحرير كامل فلسطين.
ويمكننا هنا أن نعدد بعض أشكال التضامن، التي يلجئ إليها المتضامنون حول العالم، ومنها:
– المشاركة في الأنشطة الإنسانية الداعمة، بكل أنواعها: الإغاثية والصحية والتأهيلية وجمع التبرعات وغيرها.
– التحدث المستمر عن فلسطين على وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل الإعلام المتاحة.
– الدعوة لرفض سياسات التوطين وسياسات التطبيع والاعتراف بالكيان الغاصب.
– تنظيم التظاهرات والوقفات الاحتجاجية أمام السفارات وفي الشوارع والساحات العامة.
– تنظيم حلقات النقاش الحوارية حول فلسطين التي تساهم في شرح حقائق القضية الفلسطينية، وتقدم رؤية صحيحة لها في مواجهة الأكاذيب الصهيونية.
ومن ثمار هذه الأنشطة التضامنية:
– دعم جهود الفلسطينيين في تحسين حياتهم، والمساهمة في إنقاذهم من الأوضاع غير الإنسانية التي يعيشونها، وتقليل المخاطر المتوقعة.
– الإبقاء على القضية الفلسطينية حية، وتوعية الرأي العام العالمي بحق الشعب الفلسطيني وجرائم الاحتلال، ولا مشروعية الكيان الغاصب.
– المحافظة على حق الفلسطينيين بالعودة إلى كامل أرضهم، واستعادة حقوقهم، دون سطوة الكيان الغاصب ولو بعد حين.
– توعية الشباب حول القضية الفلسطينية والأحداث والتطورات على المشهد الفلسطيني.
محمد أديب ياسرجي
أمين سر الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين