مقالات

شهداء على طريق القدس

أحداث مؤلمة أصابت فلسطين والقدس، بفقد قامات جهادية مؤمنة خلال هذا الأسبوع، في مشهدية تتكامل مع ما يصيب غزة منذ عشرة أشهر.

على طريق القدس ودرب تحرير الأقصى المبارك، نتقدّم إلى الرحمن الرحيم أن يتقبّل كل هؤلاء العاملين المكافحين في سبيل القسط والإصلاح وإقامة العدل في الأرض وتحرير الأرض والإنسان.

ولئن أصابنا الحزن وانثلم حدّ سيف القدس، فإنَّ لنا أسوة حسنة في رسول الله ﷺ والذين آمنوا معه، الذين أصابتهم الضراء وتكالبت عليهم الأحزاب، ﴿فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (۞) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (۞) فَآتَاهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.

في ذمة الله نستودع شهداءنا من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب والصحفيين وغيرهم، ونستودع قادة الجهاد الحاجّ أبو العبد والحاجّ محسن، بعيون دامعة وقلوب مؤمنة بالوعد الصادق، وإنَّا جميعاً لله وإنَّا إليه راجعون.

ولئن نظرنا في سنن التاريخ التي تستفاد من التفكّر في آيات الله، بما فيها كلمات القرآن الكريم ووقائع الآفاق والأنفس وما جرى على الأمم؛ فإنَّنا نخرج بخلاصة لا ريب فيها، وهي أنَّ نهاية الظلم والعدوان والاحتلال قد أصبحت وشيكة، وأنَّ هذا الفجور والاستكبار والقتل والتدمير قد شارف على نهايته، وأنَّ هذا الكيان الذي طغى في الأرض وعاث فيها كل أنواع الفساد يكتب بيديه نهاية الفصل الأخير من حياته بإذن الله.

ولئن كانت قوى الاستكبار في العالم قد اجتمعت على حماية هذا الكيان المفسد، وإمداده بكل آلات الدمار؛ فإنّها قد رهنت نفسها بذلك إلى عوامل الفناء، وربطت مصيرها بمجرم قد كتب الحقّ عليه الزوال.

لقد استكبر هذا الكيان في الأرض وعتى عن أمر الله، وهو يزداد في كل يوم غروراً وفرحاً بما يملك من قوة مادية، ويكاد يفتن كثيراً من الناس عن حقائق الكون وسنن الله تعالى، ولكنَّ ذلك لن يزيدنا إلا ثقة بالله وتمسكاً بالحق ودفاعاً عن القيم العادلة، وسنبقى متمسكين بحبل القرآن الكريم، الذي يقصّ علينا ما فيه موعظة لنا، ويربط على قلوبنا ويثبت به الأقدام بفضل الله.

وبنور آيات هذا الكتاب المبين نفهم الحاضر ونستقرئ المستقبل، ونتلو مع المؤمنين ما يدلّنا على مصير على المفسدين: ﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ (۞) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (۞) تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚوَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾.

ونخاطب هؤلاء القاتلين المفسدين: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ۞ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ﴾.

ونترحم على شهدائنا الكرام، وندعو الله أن يثبتنا من بعدهم بالقول الثابت: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (۞) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (۞) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (۞) الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (۞) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (۞) فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾.

مسؤول قسم التخطيط والدراسات في الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين
الشيخ محمد أديب ياسرجي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى