ليس اجتهادًا.. بل خيانة وعمالة

روى أبو داود في سننه عن النبي صلى الله عليه وسلم: “القضاة ثلاثة: واحد في الجنة واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجار فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار”.
هذا الحديث وأمثاله يضعنا أمام قضية مهمة جدًا، وهي أن على المجتهد أن يمعن النظر طويلًا في القضايا المطروحة أمامه، ويعرضها على كل الوجوه المعتبرة شرعًا، بعد أن يدرسها من كل نواحيها، ويُلمّ بكل تفاصيلها، ثم يُصدر فتواه بها.
أما أن ينطلق بإصدار فتواه من رغبة دفينة في نفسه ليرضي بها حاكمًا، أو ليتقرب من خلالها لفئة، أو ليضمن من خلالها سلامةً أو منفعة، فهذه الفتوى تُدخل صاحبها في النار، كما ورد في الحديث الذي صنّف القضاة.
سبب هذا الكلام اليوم هو ما ورد على لسان بعض الدعاة الخليجيين الذين صنّفوا الحركة المجاهدة في فلسطين بأنها “حركة منحرفة”، وليته اكتفى بذلك، بل أضاف بأنه سوف يسعى في تخريبها بعد انقضاء الحرب !
في هذا الظرف الصعب الذي تمر به الحركة المجاهدة في فلسطين، وفي ظل كل مشاريع التآمر على المجاهدين، وكل عمليات الدمار الشامل الذي أصاب أهل فلسطين عمومًا، وأهل قطاع غزة على وجه الخصوص، وبعد هذا الانتصار الأسطوري الذي قلب المعادلة وفرض الرواية الحقيقية لقضية فلسطين، وألغى رواية العدو الصهيوني لدى الكثير من الشعوب والنخب السياسية في العالم، وكذلك في ظل تنصل أغلب القادة العرب من واجبهم في نصرة إخوانهم في العروبة والإسلام، تأتي هذه الرؤية المصبوغة بصبغة الدين — كونها صدرت من رجل دين — فتصف هذا العمل الجهادي المبرور بأنه عمل منحرف، ويجب إزالة أصحابه من الخارطة العربية والإسلامية !
بل يجب السعي لتخريب هذا الفكر وملاحقة حامليه!!! لصالح من هذا الموقف ؟ يمكننا استشراف الإجابة العميقة عندما نتابع من هم أول من أيّدوا هذه الرؤية وصوّبوا أهدافها في هذا العالم.
كان أول من سدد هذا الرأي وأيده وطالب الجميع بأن يسيروا على نهجه، هو ذلك الصهيوني الحاقد الذي يملك منبرًا إعلاميًا مسمومًا يسعى وبشكل خبيث لبث روح الخذلان والخيانة في صفوف أمتنا، إنه “إيدي كوهين”.
الذي أبدى إعجابه بهذا الرأي الصادر من رجل داعية إسلامي له متابعوه ومحِبّوه، وكذلك وقفت معه كل أبواق التطبيع مع الكيان الصهيوني، بعد أن وصفت رؤيته بأنها رؤية متقدمة في “النظر الثاقب”، ومطلوب أن يكون قدوة يحتذي به الكثير من أصحاب العلم الديني.
من هنا نعلم كم ينتظر منا هذا العدو الصهيوني وداعموه، والعرب المنبطحون، أن نتخلى عن ذروة سنام الإسلام، ليخلو لهم جو القتل والإبادة وسلب الحقوق وكسر شوكة الأمة، وليبقى للخونة كراسيُّ حكمهم القائم على الجور وقتل إرادة الشعوب، وإلحاقها بالمشاريع الغربية الاستعمارية لسلخها عن هويتها العربية والإسلامية.
هدى الله تعالى أصحاب الفكر والفتوى وتوجيه الرأي العام للرجوع عن هذا الخلل في الفهم، وألهمنا الصواب والسداد.
منسق الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين