كل مقاومٍ للاحتلال في غزة هو الشيخ عمر المختار

بقلم الأب منويل مسلم
حدثني صديقي إبراهيم، فقال: “أخي عيسى، وعمره 20 عامًا، التحق بالمقاومة. قتل مستوطنًا وهرب. اقتحمت الشرطة الإسرائيلية بيتنا ليلًا، وأخذوا يضربون أمي بعنف شديد أمام إخوتي الصغار، الصارخين الباكين، وهم يقولون لها: ‘قولي، أين هو؟ سلميه لنا، وإلا ستموتين أنتِ في السجن إن لم يسلم هو نفسه. أخذوا أمي معهم ومضوا بها للتحقيق.”
تابع محمود بعد ذلك: “أمي لن تقبل أن يموت أخي لتحيا هي.
مصّت من حليب أمها الأمومة الحقّة. لن تعترف بشيء.
أمي لن تخون ابنها حتى لا تراه مكانها تحت العذاب. الأم هي الفداء.”
هنا دمعت عينا إبراهيم، وقال متأوهًا: “أمي ستتعذب وتُهان في سجون الاحتلال، لكنها ستبقى نائحة باكية، تعاني حسرتها وانسحاقها. لكنها في سجنها ستبقى رافعة رأسها بابنها المقاوم، تفتخر به بين النساء، تحمل أملًا يومًا أن تراه وتحتضنه، وتذرف على كتفه دمعة الأمّ الحنون المقاومة.”
ثم أردف قائلًا: “الشعب الذي لا يحمي أبناءه المقاومين – مثل أمي – هو شعب خائن، ينطبق عليه قول السيد المسيح: ‘ويلٌ لكم… أيها المراؤون، لأنكم تُشبهون قبورًا مُجصّصة (مُبيّضة) تظهر من خارج جميلة، وهي من داخل مملوءة عظام أموات وكل نجاسة.’ (إنجيل متى 23: 27)”
شعب غزة العزّة، منذ أكثر من سنة ونصف، يُسحق تحت الدبابات، ويُشوى في أفران القنابل الفسفورية، ويتضوّر جوعًا وعطشًا وبردًا، تائهًا بين كثبان الرمال، من خيمة رثّة إلى شادر ممزق يأويه على شاطئ البحر؛ تشبع الكلاب والقطط من لحم شهدائه الذين عجز عن دفنهم.
هذا الشعب سيحمي أبناءه المقاومين والسلاح في أيديهم.
غزة لن تخون المقاومة، ولن تطلب أبدًا منهم أن يقتلوا أنفسهم أو يستسلموا أو يُسلّموا سلاحهم؛ ولن يطلقوا أسرى الصهاينة بلا ثمن.
كل شاب في غزة يقاوم الاحتلال وبيده السلاح هو أملُ وحياةُ وعنفوانُ وشرفُ وكبرياءُ شعبه.
كل مقاوم هو الشيخ عمر المختار، يقاوم ويموت هو ومعظم شعبه لكي ينتصر أطفال غزة ومستقبلهم.
أي إنسان يقبل الاحتلال أو يثق به أو يتعاون معه أو يتنازل له عن ذرة تراب من أرضه يخون قضيته، ويعرّض نفسه بعد التحرير أن يُحاكَم ويُفرَز ويُفرَد ويُهمَل.
شعب غزة العظيم يحمل الأمل بالتحرير وتقرير المصير.
سيعيش بعد تضحياته ودموعه ودمائه الزكية منتصرًا عزيزًا كريمًا شجاعًا، مستحقًّا لقبه “شعب الجبارين”.