الإبعاد عن الأقصى.. سياسة صهيونية لكسر شوكة الفلسطينيين
رضا زيدان – إعلامي وكاتب سوري
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنَآ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (الإسراء1).
المسجد الأقصى، قبلة المسلمين الأولى ومسرى النبي الأكرم، ومن يعتدي على الأقصى يعتدي على الأمة الإسلامية بأسرها. يتمتع الأقصى بقدسيةٍ تُعلي من شأن القدس وبشكلٍ خاص في نفوس المسلمين، لهذا أدرك العدو الصهيوني خطورة المسجد الأقصى وأهمية السيطرة عليه وتدميره، وبناء هيكل سليمان المزعوم على أنقاضه.
منشأ سياسة الإبعاد عن المسجد الأقصى:
بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987م بدأت تتضح ملامح هذه السياسة حيث منع الصهاينة سكان الضفة الغربية وقطاع غزة من دخول مدينة القدس لأداء الطقوس الدينية إلا في أوقات ومناسبات نادرة، ووفق شروط وقيود محددة.
عند اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 نصب العدو الصهيوني العديد من الحواجز في محيط مدينة القدس، من أجل إبعاد الفلسطينيين عن أبرز مقدساتهم تحت حجج وذرائع أمنية واهية.
تدرجت الخطة الصهيونية بإبعاد الفلسطينيين عن المسجد الأقصى فبدأت بإبعاد أبناء الضفة الغربية وقطاع غزة عن المسجد الاقصى، ووصلت إلى تقييد وصول سكان مدينة القدس وفلسطينيو عام 1948، فمنعت وصول المصلين الذين تقل أعمارهم عن 50 عامًا من الذكور من دخول المسجد لأداء الصلاة فيه، لتتسع بذلك دائرة المبعدين عن المسجد الأقصى والممنوعين من الوصل إليه، حتى أنها اليوم باتت تشمل مدير المسجد الأقصى المبارك، وخطيب المسجد وكل العاملين بوزارة الأوقاف الفلسطينية، كما وتشمل أي شخص يتصدى للسياسات الاحتلالية كما وتطورت الخطة الصهيونية لتفرض على المُبعدين غرامات باهظة، ولم تفرّق هذه السياسة بين رجلٍ وإمرأة (الشيخ عكرمة صبري، هنادي الحلواني مثالًا).
أهداف سياسة الإبعاد عن المسجد الأقصى:
أولًا: إفراغ المسجد الأقصى المبارك من الفلسطينيين بشكل كبير، لتهيئة الأجواء للمتطرفين الصهاينة من أجل اقتحامه لتكون لهم فرصة لأداء صلواتهم التلمودية بحراسة من شرطة الاحتلال.
ثانيًا: السياسة الصهيونية تجاه الأقصى والمصلين تسعى لإحكام السيطرة على المسجد والتحكم بأوقات الدخول والخروج من وإلى الأقصى، بهدف تجريده من طابعه الإسلامي المحض ومحاولة تهويده وتقسيمه زمانيًا ومكانيًا.
ثالثًا: سياسة الإبعاد عن المسجد الأقصى سياسة انتقامية تتعارض مع القوانين والأعراف الدولية، وتتعارض مع حرية العبادة وهو مبدأ حفظه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. لايزال الاحتلال يصر على اتباع سياسة الإبعاد إرهابًا للفلسطينيين.
رابعًا: معنويًا، يُريد العدو الصهيوني تدمير كل المعاني الدينية التي يمثلها الأقصى عند المسلمين، والمعاني التي تمثلها المدينة المقدسة عند المسيحيين وحتى اليهود، لأن الصهاينة لا يريدون أن يتركوا لأحد غيرهم مكانًا في القدس.
يُشار إلى أن دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة بيّنت أن شرطة الاحتلال أبعدت أكثر من 14 موظفًا من موظفيها عن المسجد الأقصى المبارك منذ مطلع العام الجاري بشكل مناهض لكل الاتفاقيات والمواثيق.بينما بيّن مركز معلومات وادي حلوة ورصد خلال النصف الأول فقط من العام 2020 نحو 236 قرار إبعاد، منها 206 عن المسجد الأقصى، و24 قرار إبعاد عن القدس القديمة، و6 عن القدس.