مقالات

أحرار رغم الأسر

تراهن حكومة الكيان الصهيوني الغاصب على التوجّهات الأكثر تطرفاً للمجرم بن جفير، الذي تولى ما يسمى وزارة الأمن القومي، بعد تعديل اسمها من “وزارة الداخلية”، ليكون الاسم الجديد معبّراً عن الصلاحيات التي يتطلّع إليها بن جفير لكي يطبّق أكثر ما يستطيع من إجراءات القتل والقمع ضد الشعب الفلسطيني، ويروي غليله من دماء شبابه الطاهر.

وغنيّ عن التأكيد أن هذا التوجّه الإجرامي للكيان لم يكن يحتاج إلى ذريعة لكي يمارس طغيانه، أو يصعّد من عدوانه ضد غزة أو الضفة او جنين أو القدس الشريف وما حولها؛ فالمشروع الصهيوني قام على نهج محدد لم يخرج عنه لا اليمينيون ولا اليساريون الصهاينة، بل إن هؤلاء الذين يطلق عليهم اسم اليسار كانوا قادة معظم المجازر والحروب التي شنّتها العصابات الصهيونية وجيش دولة الكيان لاحقاً ضد الفلسطينيين والدول العربية الأخرى.

ومن المؤكد لكل عاقل يعرف تاريخ الأمم في نهضتها أو سقوطها، أنَّ العنف والإرهاب يدلان على القوة والبطش والسيطرة، لكنهما لا يشكلان أي ضمانة للبقاء والاستمرار، بل يرتبطان بالفساد والزوال.

إنَّ شلالات الدم الفلسطيني المتفجرة، والتي يَعِدُ الصهاينة بالمزيد منها، تعطي مؤشراً واضحاً على حتمية زوال الكيان القاتل، وإن كان سفك هذه الدماء الطاهرة يسبب الحزن والمآسي للشعب الفلسطيني، ولكل حرّ وشريف يؤمن بعدالة قضيته؛ فإنّ الله تعالى قد سطّر في كتابه الكريم قوانين واضحة، تحكي سنن التاريخ والأقدار المكتوبة التي لا يمكن لشعب أو مجموعة مهما أوتيت من القوة أن تخترقها.

وإنَّ في قوله تعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)، لبشارةً لأهل فلسطين ووعيداً للصهاينة المفسدين والعالين على المستضعفين.

وإنَّ في قوله عزّ وجلَّ: (وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا) لَوَعداً عظيماً صادقاً لأولياء الشهداء في فلسطين؛ أنّهم هم المنصورون بفضل الله.

وأمّا استكبار الصهاينة وذلك المدعوّ بن جفير على أسرانا الأبطال، وخاصة منهم على حرائر فلسطين وماجداتها الشريفات؛ فما هو إلا جولة خاسرة أخرى من جولاتهم ضد رموز صمود هذه الأمة العظيمة، وهو رمز يستحق أن يتعرّف العالم كلُّه إليه، لأنّ الأسرى الفلسطينيين الأبطال في سجون الكيان الغاصب يمثّلون طليعة أحرار العالم، الذين يحملون رسالة العدالة والحقوق ومواجهة الإمبريالية المتوحشة والاستعمار في أشنع صوره.

وعلى أحرار العالم أن يشيدوا بذكر هؤلاء الأسرى الأحرار، وخاصة منهم النساء الكريمات؛ لما يبذلونه يومياً من أجل الدفاع عن العدالة الإنسانية، وعن حقوق المستضعفين.

هؤلاء هم وجه فلسطين البسّام، الطافح بالتفاؤل، الذي ينشر الأمل بقرب التحرير، تحرير الأرض والمقدسات، وتحرير كل أولئك الأبطال الذين يقبعون في سجون الصهيوني الظالم الأثيم.

أحرار رغم الأسر، بل ينشرون نسيم الحرية في العالم كله، أولئك هم رجال فلسطين، ونساؤها الشريفات.

محمد أديب ياسرجي
أمين سر الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى