مقالات

الصهيونية والعنصرية والتطرف العالمي

في العاشر من تشرين الثاني 1975، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم /3379/، والذي نصَّت فيه على «أن الصهيونية هي شكلٌ من أشكال العنصرية والتمييز العنصري». وطالب القرار جميع دول العالم بمقاومة الأيدولوجية الصهيونية التي تشكل خطرًا على الأمن والسِّلم العالميين؛ حسب القرار.

كان هذا القرار هو إحدى لحظات صحوة الضمير القليلة في تاريخ الأمم المتحدة، التي سرعان ما تراجعت عنه بعد 16 عاماً فقط، عندما وضع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة شرطاً مسبقاً على المجتمع الدولي والدول العربية للدخول في مباحثات مدريد، وهو إلغاء القرار /3379/، وهو ما تمَّ فعلاً بموجب القرار الأممي رقم 46/86 يوم 16 كانون الأول 1991 !

ولكن هل تخلَّت الصهيونية عن حقيقتها العنصرية المتطرفة ؟ وهل كفَّتْ عن أن تشكّل خطراً على الأمن والسّلم العالمي ؟!

لا شكّ في أنَّ الجواب تحكيه الأيام، وتنطق به الوقائع التي تجري في كل لحظة ولحظة في فلسطين، والتي يمتدّ أثرها إلى مختلف أنحاء العالم.

وحديثنا اليوم عن العنصرية والتطرف يتّصل بشكل وثيق بتلك الهجمة المتطرفة التي تتجدد كل فترة ضد كتاب الله عزّ وجلّ، في بعض الدول الأوربية، وآخرها تلك الفعلة المشينة التي جرت في السويد.

إنَّ إحراق نسخة من المصحف الشريف يشكل صورة من أشنع صور التطرف والعنف المبني على الجهل والعنصرية، ولا يمكن أن يعبّر بأي حال من الأحوال عن أي موقف عقلاني ولا منطقي، مهما كانت الذرائع.

لقد واجه الفلسطينيون أشد أنواع العدوان والجرائم من قبل الصهيونية؛ لكن لم يفكّر أحدهم يوماً، أو أي عربي أو مسلم بإحراق نسخة من التوراة أو الإساءة إليها بأية صورة؛ وتعرضت معظم الدول الإسلامية لغزوات استعمارية باسم المسيحية والصليبية عبر التاريخ؛ ولم تصدر عن أي مسلم أية إساءة للإنجيل.

لكن الصهيونية لم تقصّر يوماً في الإساءة إلى كل مقدسات المسلمين، وما الانتهاكات المستمرة التي تجري في المسجد الأقصى ومسجد إبراهيم الخليل عليه السلام وعشرات المساجد في فلسطين إلا نموذج.

وإذا كان العالم يدّعي نبذ التطرف والعنصرية حقاً فعليه أن ينبذ أشنع أشكال هاتين الآفتين؛ ألا وهي الصهيونية وكيانها الإحلالي الغاصب لأرض فلسطين.

إنَّنا نعتقد بكل يقين أن الصهيونية هي أكبر رابح من انتشار التطرف والعنف والإرهاب في العالم، وأنها أكبر داعم لهذه النزعات المدمّرة، في الوقت نفسه الذي تعمل فيه على إلصاق تهمة العنف والإرهاب والتطرف بالأحرار الذين يقاومون من أجل تحرير أرضهم واستعادة حقوقهم وضمان الحياة الكريمة الآمنة لأنفسهم وأهلهم وبلادهم.

إنَّ الفلسطينيين يخوضون صراعاً من أجل التحرر، وهم كما أكدنا مراراً، يواجهون أشنع أشكال الاستعمار والعنصرية والإرهاب.

وعلى العالم كله إذا كان يهتمّ حقاً بمستقبل آمنٍ للإنسانية؛ أن يقف إلى جانب فلسطين، وأن يرفض التطرف والإرهاب ابتداءً من رفض الإرهاب الصهيوني؛ وإلا فليسكتْ كلُّ دعاة السلام المزعوم عن الصراخ، فإنما هم مُراؤون !

محمد أديب ياسرجي
أمين سر الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى