نداء الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين حول انتفاضة القدس، ومعركة غزة مع الاحتلال
بسم الله الرحمن الرحيم
(فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِۚ
وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) (النساء:74)
السّادة علماء الدّين الأفاضل، يا أيها المؤتمنون على كلمة الصدق وقول الحقّ:
نحن نعيش أياماً من أيام الله تعالى المباركة، ليس لأنها أيام ليلة القدر والعَشر الأخير من رمضان فحسْب؛ ولكن أيضاً لأنها أيام ملحمة غزّة الأبية، التي كسرت الحصار المفروض عليها، وتقدّمت بشجاعة وفداء لنُصرة إخوتنا في القدس ومواساة انتفاضة المرابطين حول الأقصى.
إنّها أيام الشعب الفلسطيني الذي راهن الأعداءُ وبعض الأقرباء على إسكاته وهَضْم حقوقه، لكنه لم يخضع بل انتفض وقاوم ليصنع التاريخ المشرّف، ويخطّ بدماء أبنائه صفحات العزة والكرامة، وينفض عن الأمّة كلّها أثقال الاستكانة وأوهام القعود.
ولاشكّ في أنَّ الواجب الشرعي والعقلي، ومسؤوليتنا أمام الله عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورفْعِ الصوت بكلمة الحقّ أمام الجائر والمعتدي؛ كلُّ ذلك يجب أن يحملنا على مدّ يد العون، والوقوف إلى جانب إخواننا في غزة والقدس وكلّ فلسطين، وشبابها المرابطين على بوابات الأقصى والمدافعين عن ثغور الأمة.
وإذا كان الفلسطينيون قد تكفّلوا بالنزول إلى الساحات لردع آلة الإجرام والفتك الصهيوني، ومقاومة جيش الاحتلال السفّاك والغاشم؛ فإنّ إخواننا في القدس وغزة والضفة والجليل قد كَفَونا بذلك مشقّة مواجهة العدو في الميدان؛ ولكنهم يريدون منّا الآن:
- أن تقوم منابر الجمعة والمساجد بواجبِ نقل حقيقةِ ما يجري في فلسطين، وكيف تواجهُ الفئة المؤمنة القليلةُ جيشاً من أقوى جيوش العالم وتردعه عن تحقيق أهدافه الشيطانية، رغم كل أسلحته الفتاكة، والدعم الدولي المطلق للاحتلال.
- تأكيد حقيقة أن المقاومة هي سبيل التحرير واستعادة الأرض والكرامة، وليس منهج التطبيع الذليل، ولا التعويل على موقف ما يسمى “المجتمع الدولي”، الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة، الشريكة الأساسية للاحتلال في انتهاك مقدساتنا واحتلال أرضنا وقتل أهلنا في كل يوم، منذ تأسيس الكيان الصهيوني وحتى اليوم.
- بيان أن فلسطين كلها، من البحر إلى النهر، هي بلادُ الشعب الفلسطيني، وقِبلةُ هذه الأمة وموطن مقدساتها، وأرضُ الله المباركة، وأنه لا مكان فيها للمحتلين الغاصبين، حتى يعودوا إلى بلادهم التي جاؤوا منها.
- بيان أنَّ الشعب الفلسطيني لم ولن يتنازل عن أرضه وحقوقه، وفي مقدمتها حقّ العودة.
- التأكيد لشعوب العالم العربي والإسلامي أنّ الموقف الفلسطيني الشعبي، وموقف جميع فصائل المقاومة، هو موقف واحد في الثبات على نهج المقاومة والتضحية حتى التحرير، ومن سكت أو شذَّ عن هذا الموقف فليس منَّا في شيء.
- الدعاء والابتهال في الصلوات، في هذه الأيام المباركة من شهر رمضان وشوال، وفي خطبة العيد والجمعة، بالنصر والتثبيت والسكينة والطمأنينة للشعب الفلسطيني المقاوم، والترحّم على الشهداء الأبرار، وطلب الشفاء من الله للجرحى.
- الوقوف العملي إلى جانب الشعب الفلسطيني بما أمكن، وأقلّ ذلك تنظيم الفعاليات التضامنية، ورفع الأعلام الفلسطينية، ونشر المعلومات التي تفضح جرائم الكيان الصهيوني بالوسائل الورقية أو الالكترونية، واستثمار منصّات التواصل الاجتماعي والمواقع على الشبكة العالمية للتعبير عن المواقف الحقيقية للشعوب في تأييد الكفاح الفلسطيني ورفض الاستعمار والصهيونية.
السادة العلماء الكرام:
إنّ الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين يدعوكم في هذه الأيام العظيمة من أيام الله إلى أداء الأمانة، وتبليغ رسالة الشعب الفلسطيني، والنُّصح للأمة حتى تكون صفاً واحداً وراء إخوانها الكرام المجاهدين في فلسطين.
ولا شك في أنّ كتاب الله تعالى سيكون شاهداً علينا، فلنكن على مستوى ما أحبّه القرآن الكريم لنا، من وحدة الصفّ، ونَبْذِ الفُرقة، واجتماع الكلمة، والدفاع عن المظلومين:
(وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا “75” الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِۖ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا). النساء 76.
والحمدُ لله، وسلامٌ على عباده المؤمنين المجاهدين، وما النصرُ إلا من عند الله العزيز الحكيم.