نداء الأقصى من العراق إلى العالم
اختتم الملتقى العلمائي العالمي قبل يومين مشاركته السنوية الثالثة في موسم زيارة الأربعين، في كربلاء العراق، والتي حملت اسمها المعروف (موكب نداء الأقصى).
وكانت الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين قد أطلقت في 27 من الشهر الماضي، وبالتعاون مع الأمانة العامة للعتبة الحسينية، الدورة الثانية من مؤتمر نداء الأقصى الدولي، الذي حمل هذا العام عنوان: (الإمام الحسين “ع” وفلسطين: الأبعاد العالمية للشخصية الإنسانية والقضية الرسالية).
شاركت في المؤتمر عشرات الشخصيات الدولية المعروفة بنضالها الطويل في دعم القضية الفلسطينية، من بينهم علماء ومفتون من عدة دول إسلامية، ورجال دين من المسيحية والبوذية والسيخ، وشعراء ومثقفون وفنانون وإعلاميون ونواب وفعاليات سياسية، الذين احتفوا جميعًا بحضور كوكبة من الأيقونات الفلسطينية، من داخل الأرض المحتلة ومن الشتات، بينهم، عوائل الأسرى والشهداء، وبعض الجرحى والأسرى المحررين.
كلتا الفعاليتين – المؤتمر والموكب – هدفتا إلى رفع الصوت باسم الأقصى والشعب الفلسطيني على المستوى العالمي، بين الحضور البشري الحاشد – 22 مليونًا هذا العام – القادم من مختلف أصقاع الأرض لإحياء ذكرى شهادة الإمام الحسين (ع) في فاجعة كربلاء الأليمة، التي يتذكرها جميع المسلمين، ويستحضرون معها قيم القرآن الكريم، وخاصة منها العدل والإصلاح والنهي عن الظلم والمنكر، التي قام الحسين (ع) من أجل إحيائها، واستُشهد مع أهل بيته وأصحابه الكرام في سبيل صيانتها، والحيلولة دون انحراف المسيرة الإسلامية، وهو ما نجح فيه الإمام الحسين (ع)، رغم الثمن العظيم التي دفعته الأمة الإسلامية الناشئة في تلك الواقعة.
إضافة لذلك، كانت للمؤتمر مجموعة من الأهداف، التي شكلت الجلسات والحوارات الغنية بين المشاركين سبيلًا لتحقيقها، بإذن الله، وهي:
- عرض أهم التحديات الراهنة التي تواجه القضية الفلسطينية، وخاصة ما تتعرض له مدينة القدس والضفة الغربية وغزة الصامدة من انتهاكات جسيمة.
وهنا كان للشهادات الحيّة التي قدّمها المشاركون الفلسطينيون أثرٌ كبير، حيث استقطبت اهتمام المشاركين، وتفاعلوا معها بصدق وإيجابية، وحملوا منها رسائل مؤثرة ينقلونها إلى بلدانهم وشعوبهم.
- التعريف بقيم ومبادئ الثورة الحسينية كرمز للمقاومة ومواجهة الظلم على مرّ العصور، وتعزيز دورها في القضية الفلسطينية، كمصداق معاصر للمواجهة ما بين الحق والباطل. وهذا ما تحقق من خلال اللقاء مع الكثير من زوار الأربعين، الذين عبروا عن التزامهم بنهج الإمام الحسين كحامل لقيم القرآن الكريم ومدافع عن الحق والعدل، وأن فلسطين تشكل بالنسبة لهم الميدان الأول الذين يظهرون فيه هذا الالتزام.
- التعريف بجهود العراقيين، وخاصة رموز الحوزة العلمية ومراجع الدّين والمجاهدين، في الدفاع عن القضية الفلسطينية، منذ بدايتها حتى اليوم.
- بحث السُبُل العملية لتفعيل التضامن الإسلامي والعالمي مع الشعب الفلسطيني، في مواجهة الاعتداءات الصهيونية التي تنتهك حياة الناس وحقوقهم، وفي مقدمتها الحصار الاقتصادي، وقضية الأسرى، والحروب المتكررة ضد غزة ومخيمات الضفة.
- تحديد القيم التي تقوم عليها صفة (العالمية)، ومن أهمها قيم العدالة والرحمة والتعاون والسلام، وبيان تجسّدها في نهضة الإمام الحسين (ع) وقضية الشعب الفلسطيني.
لقد شكّلت هذه الفعاليات التي تجري تحت عنوان (نداء الأقصى) إضافة مميزة إلى الأحداث الثقافية التي تواكب زيارة الأربعين، وقد أظهرت الإمكانيات الهائلة التي تنطوي عليها هذه الزيارة، وأهمية تفعيل هذا الحضور المليوني المتميز على مستوى العالم، وضرورة استثماره بشكل لائق ينسجم مع مبادئ نهضة وثورة الإمام الحسين (ع)، وبما يعزز من وحدة الأمة في العمل من أجل قضاياها الجامعة، وفي مقدمتها قضية فلسطين.
نأمل أن يشكل الموكب والمؤتمر فرصة لفتح آفاق الحوار والتواصل بين أحرار العالم ودعاة العدالة، من خلال الربط بين نضال الشعب الفلسطيني وقيم النهضة الحسينية والاستفادة من هذه القيم من أجل تحقيق العدالة للبشرية، واستعادة الفلسطينيين لحقوقهم وتحرير أرضهم.
بقلم الشيخ محمد أديب ياسرجي
أمين سر الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين