مقالات

غزة: دعوات التهجير.. أسبابها وطرق مواجهتها

بقلم الشيخ محمد الناوي

يقول تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران: 139).

لا يزال الحديث عن تهجير أهلنا في غزة يشغل الرأي العام، رسميًا وشعبيًا. ورغم معارضة العالم كله، فإن تهديدات صانعي الحروب وناكثي العهود تتزايد بقوة، متجاوزة كل الحدود القانونية والأخلاقية والإنسانية.

أسباب دعوات التهجير

الفشل الاستخباراتي الكبير يوم السابع من أكتوبر 2023، والذي كشف هشاشة هذا العدو وعجزه عن حماية نفسه، فكيف يُصدق زعمه في حماية المطبعين؟ هذا الفشل من الصعب ترميمه، وأسرع حلٍّ بنظره هو التهجير.

فشل العدو في تحقيق أهدافه في غزة، رغم الدمار الهائل والجرائم المروعة التي أودت بحياة عشرات الآلاف من الأبرياء، وخصوصًا فشل “خطة الجنرالات” في الشمال، وعمليات رفح في الجنوب. كما فشلت خطة التهجير في الوسط، التي اعتمدت على بناء مرفأ مؤقت كان العدو يهدف من خلاله إلى جعله نقطة هروب للسكان. وما لم يتمكن من تحقيقه بالقوة، يريد تحقيقه عبر التهجير وتعطيل إعادة الإعمار.

انكشاف الصورة الإجرامية الحقيقية للعدو أمام العالم، مما أدى إلى عزله رسميًا وشعبيًا، وصدور أحكام باعتقال مسؤوليه من قبل محكمة الجنايات الدولية، وهو ما لم يكن متوقعًا. وقد دفع ذلك حُماة الكيان المحتل إلى رفض ولاية المحكمة عليهم. ويرى العدو أن تهجير أهل غزة سيطوي ملف العدالة الدولية، ويدفع القضية إلى دائرة النسيان.

انهيار الجبهة الداخلية للعدو، معنويًا وماديًا، وحدوث شرخ كبير بين مؤسساته ومستوطنيه، لأول مرة منذ عقود، مما خلق أزمة ثقة عميقة. ولترميم هذه الأزمة سريعًا، يرى العدو أن التهجير هو الحل.

صعوبة استئناف مسار التطبيع، إذ كان العدو يسوّق نفسه للعالم كنموذج للدولة الديمقراطية والإنسانية في الشرق الأوسط، لكنه انكشف ككيان استعماري إرهابي.

عودة القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام العالمي، بعد أن كادت تُطمس بسبب التطبيع الرسمي وتخاذل الأنظمة. وقد كان الموقف الدولي منحازًا للعدو قبل ارتكابه الخطيئة الكبرى في عدوانه القذر على غزة. عزلة العدو المتزايدة تدفعه إلى البحث عن أي وسيلة لترميم صورته المشوّهة، وهو يدرك أن ذلك صعب المنال.

إحساس العدو بالخطر الوجودي؛ إذ إنها المرة الأولى منذ انتهاء الحروب الكلاسيكية بينه وبين الدول العربية عام 1973 التي يشهد فيها تحركًا قويًا وفعالًا لـ جبهات الإسناد، التي أنهكته. وتتميز هذه الجبهات بأنها حركات مقاومة عقائدية متمرسة قتاليًا، لا يمكن لأي قوة في العالم أن توقفها، بخلاف الجيوش التقليدية. ويرى العدو أن تهجير سكان غزة سيسحب المبررات التي تستند إليها هذه الجبهات.

كيف نواجه دعوات التهجير؟

موقف رسمي عربي وإسلامي يرفض بقوة فكرة التهجير، وهو ما ننتظره من القمة العربية المرتقبة في القاهرة، وما يليها من قمم أخرى.

موقف شعبي عربي وإسلامي واضح، من خلال تظاهرات كبرى تضغط على الأنظمة لاتخاذ مواقف أكثر حزمًا، خاصة أن الحراك الشعبي لم يكن بالمستوى المطلوب طيلة العدوان على غزة.

الموقف الشرعي والعلمي، من خلال الفتاوى التي تؤكد أن فلسطين، من البحر إلى النهر، وقفٌ للمسلمين، ولا يجوز التفريط بشبر منها، وأن الجهاد لتحريرها فرضٌ على المسلمين. وعلى العلماء أن يلعبوا دورًا أكبر في دعم هذه القضية المركزية.

المبادرة العاجلة من قبل الدول الإسلامية لتقديم جميع أشكال الدعم إلى غزة، بهدف إعمارها، ودعم صمود أهلها، وتثبيتهم في أرضهم، حتى تبقى غزة شامخة بأهلها ومقاومتها.

بذلك، نقطع الطريق على خطة الأعداء، ولا تكون الهجرة إلا نحو القدس.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى