مؤتمر “نداء الأقصى” الدولي بمشاركة حاشدة من العلماء المسلمين خلال أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام)
انطلقت فعاليات مؤتمر “نداء الأقصى” الدولي، في 6-9-2022 في مدينة كربلاء العراقية تحت عنوان “مبادئ النهضة الحسينية ودورها في تحرير القدس وثورة الشعب الفلسطيني”، بالتزامن مع فعاليات ذكرى أربعينية الامام الحسين (عليه السلام).
وبدأت فعاليات المؤتمر بكلمة افتتاحية ترحيبًا بالحضور، إضافة الى تلاوة آيات من الذكر الحكيم، وشارك في المؤتمر 250 شخصية علمائية وفكرية وثقافية من 60 دولة حول العالم، بالإضافة إلى عدد كبير من العراقيين.
ويتضمن جدول أعمال المؤتمر أربعة محاور منوعة، هي: مبادئ النهضة الحسينية والقضية الفلسطينية، وشهادات من الواقع الفلسطيني، والدور التاريخي للشعب العراقي في الدفاع عن القضية الفلسطينية، والخطاب الفكري والثقافي وقضية فلسطين.
كذلك، يسلّط الحدث الضوء على السبل العملية للتصدي لمشروع التطبيع على المستوى الفكري والثقافي، وتحديد طرق الإفادة من المناسبات الدينية والجماهيرية (ومنها زيارة الأربعين) لتعزيز الترابط والتضامن بين “أحرار العالم وخدمة القضية الفلسطينية والقضايا العادلة”.
كلمة منسّق الملتقى العلمائي العالمي من أجل فلسطين خلال مؤتمر نداء الأقصى الدولي
السّادة الكرام المشاركين في المؤتمر
(مبادئ النهضة الحسينية ودورها في تحرير القدس وثورة الشعب الفلسطيني) عنوانٌ جامع، تتّسع آفاقه لتتجاوز حدود هذا المؤتمر الهامّ نحو الإنسانية السامية، وتحمل لنا نفحاتٍ من عبَق الخلود المرتبط بالشهادة ورسالات السماء.
فالإمام الحسين (عليه السلام) هو الإنسان الذي لا يمكن اختصاره بتعريف موجز، كتعريفِ أي إنسان بآخر، بحدود البيئة والجنس والزمان والعائلة أو ما شابه، بل هو الإنسان الذي ينطبق عليه مصطلح القرآن الكريم (الأسوة الحسنة)، أي الإنسان الذي جمع في ذاته أرقى الصفات وأسمى المعاني وأفضل القيم، وجسّدها في حياته ومسيرته وشهادته النبيلة.
والقضية الفلسطينية هي قضية الحقّ والخير.. قضية العدالة التي لا تتجزأ، ولا يمكن السكوت عن تغييبها في فلسطين، بينما يطالب أرباب الشعارات بتطبيقها في أماكن أخرى.
ونحن اليوم نجتمع في هذا المكان الطاهر، في هذه المدينة المميزة، في ظل وجوار أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، الذي حمل رسالة العدل والحقّ والإنصاف والإصلاح، ومن حولنا الملايين من المسلمين، الذين يقومون بإحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين؛ تحت عنوان الانتماء إلى القيم الإسلامية والقرآنية التي تمثّلت سلوكاً وعملاً في شخصية الحسين (عليه السلام) وحركته، وعلى رأسها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإصلاح وإنصاف المظلوم وإقامة العدل.
وهذه القيم تشكل قاعدة لكل المؤمنين، بل ولكل العقلاء، يلتقون عليها في كل زمان ومكان، ويعملون على تطبيقها ونشرها.
وإذا أردنا أن نبحث عن ساحة وقضية تستحق أن نجتمع على النهوض بها والعمل لأجلها، والسعي لإقامة العدل والقسط فيها؛ فلن نجد اليوم أولى من قضية فلسطين.
ومن هنا تأتي فكرة الجمع بين قضية فلسطين ومبادئ النهضة الحسينية، التي هي مبادئ يجب أن تبقى حية وفاعلة في كل زمان، للدفاع عن الشعوب المظلومة.
وحيث تشكل زيارة الأربعين فرصة للقاء الملايين من البشر من مختلف دول العالم، فإن هذا المؤتمر يطرح القضية الفلسطينية ومبادئ النهضة الحسينية في هذا التجمع البشري العظيم، باعتبارهما نقاط وحدة والتقاء بين جميع البشر من كل جنس وبلد ودين؛ وهو يهدف بذلك إلى:
- دراسة قيم ومبادئ نهضة الإمام الحسين (عليه السلام)، باعتباره رمزًا للثورة ومواجهة الظلم، وتأثير هذه المبادئ في دعم القضية الفلسطينية، باعتبارها مصداقًا عصريًا للمواجهة ما بين الحق والباطل.
- نقل صورة الأوضاع الخطيرة في فلسطين المحتلة والقدس خصوصًا، عبر الشهادات الحيّة من فلسطين، إلى قادة الفكر والرأي المشاركين في المؤتمر، لتحديد الوسائل المناسبة لدعم القضية الفلسطينية، على المستوى الفكري والثقافي والشعبي خصوصًا.
- البحث في كيفية التصدي لمشروع التطبيع على المستوى الشعبي، في الدول العربية والإسلامية.
- تحديد سُبُل الاستفادة من المناسبات الجماهيرية، ومنها زيارة الأربعين التي ينعقد المؤتمر في أجوائها، في تعزيز الترابط والتضامن بين أحرار العالم، وخدمة القضايا الإنسانية الكبرى، وفي مقدمتها قضية فلسطين.
- التعريف بجهود العراقيين في الدفاع عن قضايا العدالة والدفاع عنها، وعن حقوق الشعب الفلسطيني المظلوم، والدور التاريخي للعلماء والمثقفين في هذا المجال.
وهنا لابدّ من كلمة إنصاف وتقدير، بحقّ هذا الشعب الغيور الكريم المقدام، شعب العراق الشريف، الذي لم يكن بحاجة لمن يدعوه لنصرة فلسطين، بل كان دومًا السَّبَّاق وفي طليعة المبادرين إلى الوقوف إلى جانبنا، نحن الفلسطينيين، وقدّم في كل مراحل القضية منذ مئة عام وحتى اليوم، كل غالٍ ونفيس، ماديًا ومعنويًا، وبذل الأنفس والدماء والأرواح من أجل القدس والمسجد الأقصى.
ولا زال حتى اليوم يحتض راية تحرير فلسطين، وما احتفاؤه بموكب نداء الأقصى، وبهذا المؤتمر إلا صفحة ناصعة من سجل مشرّف عظيم من العطاءات والتضحيات.
كما نسجل الشكر للأمانة العامة للعتبة الحسينية على حفاوة الاستقبال والاستضافة وكل التسهيلات الكبيرة التي قُدمت من أجل عقد هذا المؤتمر، فجزاهم الله خيرًا وتقبل منهم كل الجهود العظيمة التي يبذلونها.
ولا ننسى كافة الجهات الأخرى التي تعاونت وساهمت بكل جهدها في الإعداد والتحضير:
دار الإفتاء العراقية
ومجلس علماء الرباط المحمدي
وجامعة أهل البيت
ومركز كربلاء للدراسات والبحوث
ومؤسسة نداء الأقصى
ونرحب بجميع السادة الكرام، وأهل العلم والفضل، والمناضلين الأحرار الذي يشاركوننا في أعمال هذا المؤتمر.
وفي الختام نقول:
إنّ الإنسانية كلها بحاجة للتكاتف والتعاون من أجل حلّ مشكلاتها الكبيرة، ومن أهمها مشكلة الاحتلال وتهجير الناس وسرقة مواردهم وتحويلهم إلى مشردين لا أمل لهم في الحياة.
ونحن ندعو كل المؤمنين وأحرار العالم من مختلف الأديان، الذين يشتركون مع المسلمين في الإيمان بمبادئ الحق والعدل والدفاع عن المظلوم ووجوب التصدي للمعتدين، من أي جنس أو تحت أي عنوان؛ ندعوهم للمشاركة في تحمل مسؤولية الدفاع عن البشرية كلها، والمطالبة بالعدالة والأمان للشعب الفلسطيني، بالاستفادة من القيم المشتركة التي تمثلت في نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) واستشهاده.
الشيخ الدكتور عبد الله كتمتو
منسق الملتقى العلمائي من أجل فلسطين